وكان الأستاذ محمد قحطان قد حاول زيارة العاصمة السياسية المؤقتة عدن ضمن كوكبة من السياسيين الذين رغبوا في إبداء تضامنهم مع الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، لكنه لم يتمكن من إتمام الزيارة واختار العودة إلى منزله في صنعاء لا يطوي نية في مغادرته إلى أي مكان آخر..
أطلق كلمته الشجاعة وغادر موفمبيك، محدثاً جلبة لم تنته حول مصداقية الحوار الذي أداره المبعوث الأممي السابق لدى اليمن جمال بنعمر في فندق موفمبيك واراده امتداداً لمؤتمر الحوار الوطني الذي طواه الانقلاب بالحرب والسلاح.
ما من أحد استطاع فضح المؤامرة الإقليمية والدولية التي كان ينفذها بنعمر عبر حواره البيزنطي في ظلال بنادق الميلشيا، سوى هذا السياسي المحنك الذي بقي صامتاً معظم جلسات ذلك الحوار احتجاجاً على كل شيء تقريباً بما في ذلك الحصار المفروض على الرئيس.
كان واجهة المشترك وناطقه الأبرز ومهندس العلاقات التي ربطت بين أحزاب تشظت بفعل الأيديولوجيا وتجمعت من أجل الوطن، وتوحدت على أجندة الحاضر والمستقبل المثقل بالتحديات. في الرابع من شهر إبريل طوق مسلحون منزل محمد قحطان وداهموه ليأخذوه بعيداً عن أسرته إلى معتقل مجهول حتى اليوم.
ومنذ ذلك الحين والأنباء السيئة لم تتوقف حول مصير محمد قحطان، وحدها عائلته هي من يتحمل عبء وارتدادات أنباء كتلك التي تحدثت ولا تزال تتحدث عن وضعه الخطير للغاية، بما في ذلك تعمد اعتقاله في مواقع عسكرية يستهدفها طيران التحالف.
غادر بنعمر صنعاء دون أن يكلف نفسه عناء الاطمئنان على رمز من رموز الحوار والعمل السياسي السلمي، إن لم يكن قد غادر موتوراً تجاهه، ليأتي بعده المبعوث الجديد، إسماعيل ولد الشيخ، الذي أخفق حتى اللحظة في تقديم تطمينات حول مصير قحطان رغم رحلاته المكوكية الكثيرة إلى صنعاء.
لا أحد منا يعرف شيئا عن مصير معتقل سياسي ملأ الدنيا بحضوره وأفحم المتطرفين ودعاة الحرب بمنطقه الداعي إلى السلام، وحدهم هؤلاء المبدعون يعبرون عن تقديرهم له بتخليده على الجدران والذاكرة، ومثلهم هؤلاء النساء اللائي لم يتوقفن عن المطالبة بالإفراج عن قحطان وآلاف المعتقلين غيره في سجون العصابة الميلشياوية الغاشمة.
عامان تؤرخ لمعاناة أسرة أثقلها البعد والخوف والقلق على مصيره عائلها، عامان من الانحدار السحيق نحو الفوضى والاحتراب، والضنك المعيشي الذي تديره الميلشيا وتؤكد بها حضورها الثقيل في المشهد اليمني والذاكرة الوطنية.