يمشي أحمد الحمادي، حافي القدمين، مرتديا قميصا مقلما أزرق، من المدرسة إلى مقبرة في العاصمة صنعاء حيث يقضي الساعات التالية في العمل من أجل بقاء أسرته.
يمر الطفل البالغ من العمر 13 عامًا عبر المقبرة حيث توجد مقابر مكتظة جدا ومغطاة بالأعشاب الضارة. يحمل الماء على كتفيه الصغيرتين، ليسقي النباتات ويزيل الغبار عن شواهد القبور مقابل مبالغ صغيرة دفعتها عائلات الموتى.
قال احمد "ننتظر دائما المواكب الجنائزية. إذا لم يمت أحد، فنحن نلعب حول القبور."
يعتبر أحمد واحدا من بين ملايين الأطفال الذين يكافحون يوميا للبقاء في المدارس ومساعدة أسرهم في اليمن، حيث أدت الحرب إلى تركيع أفقر بلد في شبه الجزيرة العربية.
وفقًا لمنظمة العمل الدولية ، فإن اليمن هي البلد الأكثر انتشاراً فيه عمالة الأطفال في العالم العربي. ومع فوضى الحرب، يكون الأطفال أكثر عرضة للخطر، حيث تتزوج الفتيات قبل سن 15 ويتم تجنيد الأطفال كجنود.
في نوفمبر 2018، وصفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) اليمن بأنها "جهنم على الأرض" للأطفال، حيث يحتاج 80٪ منهم إلى المساعدة.
ووفقًا للأمم المتحدة، هناك مليونان من أصل سبعة ملايين طفل في سن الدراسة خارج المدرسة.
إلى جانب العنف، تقلص الاقتصاد اليمني الهش بالفعل بأكثر من 50 في المائة منذ عام 2015، وفقاً للبنك الدولي.
كما انهارت العملة المحلية ومعها القوة الشرائية. واضطرت السعودية إلى ضخ أكثر من ملياري دولار من خلال البنك المركزي، وهذا الشهر دفعت اليونيسف رواتب حوالي 100000 مدرس.
يحتاج حوالي 22 مليون يمني، أو ثلاثة أرباع السكان، إلى المساعدة الإنسانية، وتعتبر بعض المناطق على شفا المجاعة، وفقًا للأمم المتحدة.
احمد محظوظ، فما زالت مدرسته تفتح أبوابها للتلاميذ في صنعاء، ولكن بما أن والده لم يستطع العثور على وظيفة، فقد توجب عليه مساعدة أسرته. جرب أولاً التجارة في الشوارع قبل أن يتحول إلى المقبرة كملاذ أخير.
كما تحول ياسر الأرحبي، البالغ من العمر 15 عامًا، إلى المقبرة للعمل بعد إصابة والده بجلطة، ووضع على الرف حلمه في أن يصبح طبيباً. كل يوم يذهب إلى المدرسة حتى الظهر ثم يذهب إلى المقبرة بعد الغداء.
"إذا كانت هناك حاجة لتنظيف القبر، فسأعتني به، وبعد ذلك أتأكد يوم الجمعة من حصولي على المياه للبيع للعائلات التي تأتي لزيارة القبور".
يولي ياسر اهتمامًا خاصًا للصبار والأزهار المزروعة على القبور، مستغرقًا بعض الوقت لسقيها. ويبدو سعيدًا بعمله الصغير: "المقابر مكتظة بالزوار".
المرأة هي أيضا في طليعة هذه الحرب. لدى عتيقة محمد، الضابط السابق في الجيش، محل بقالة صغير مع أرفف فارغة تقريبًا في صنعاء.
وقالت الأرملة والأم لثلاثة أطفال "الحرب دمرت كل شيء وقتلت كل شيء. وأنا لا أتطلع إلى الكثير، أريد أن آكل من عرق جبيني، حتى لو كان قليلًا".
وتشير الصحيفة إلى ان الحرب قتلت حوالي 10 ألف شخص، وفقا لتقييم جزئي لمنظمة الصحة العالمية. لكن المنظمات غير الحكومية تعتقد أن عدد القتلى أعلى بكثير، مع الإشارة إلى أن الإحصائية قد تكون أكبر بخمسة أضعاف.
لقراءة المادة من موقعها الأصلي إضغط هنا