أحمد الرزقة | قناة بلقيس:
كان هادي بمثابة الطريق التي قررت كل الأطراف في البلاد ان تسلكها لكن الى وجهات مختلفة، غير ان تلك الطريق كانت بمثابة حفرة ابتلعت كل من مر فيها ولم يصل أحد عبرها إلى وجهته.
من ارادوه مجرد محلل يمهد لعودة الكرسي الى سنحان لا يختلفون كثيرا عمن تخيلوه مجرد كوبري يفضي الى كرسي السلطة، من راهنوا عليه كانوا غير مدركين لحقيقة انه لم يراهن هو يوما على نفسه.
خبير تفكيك الجيوش الذي ظل لما يقارب ربع قرن منزويا في ركن قصي من دائرة الضوء، اكتسب خلالها معرفة بنفسيات اللاعبين وادواتهم، حين خرج الى الضوء أدخلهم جميعا في بحر من الظلمات بعضها فوق بعض، خلط الحابل بالنابل ووقف على التلة يتفرج ويروي للرؤساء والسفراء ووسائل الاعلام قصة هروبة العظيم من صنعاء الى عدن ومنها الى الرياض ليبدأ مرحلة وضع كل بيض خصومة في سلة واحدة.
لا يعرف أحد كيف يفكر وهل ما كان يفكر أم لا، ويباغت خصومه وحتى نفسه والمقربين من حوله بتصرفات تعزز من فرص بقائه وتزيد من تعقيد الامور أكثر.
استهان به الجميع واعتبروه مجرد كومبارس في مسرحية الصراع على السلطة سينتهي دوره قبل ان يبدأ في الحديث لكن ما حدث قلب موازين الامور، وبات الممثل الثانوي هو الممثل الرئيسي والوحيد بغض النظر عن مدى اتقانه الدور الذي يلعبه او قدرته على اقناع الجمهور او امتاعهم.
أربع سنوات وخصومة يحفرون له كل مرة حفرة ينجو منها ويسقط من حفر له في وسط تلك الحفرة حتى تكاد من عمقها لا تظهر نهايته.
من سخروا من مسجلته القديمة واشرطته التي يستمع اليها خلال جلسات مقيله، كانوا يعبرون عن حالة مأزومة عن كيفية تمكنه في البقاء وهو الضعيف او هكذا كانوا يعتقدون، ونجاته من كل المكائد والدسائس التي حاكها له الرئيس المخلوع وحلفائه خلال الفترة الماضية.
قالوا انه ينام حتى العصر ويقفل على نفسه، وانه لا يملك تحت قيادته حتى جنديا ولم يدافع عنه أحد حين اقتحمت المليشيا غرفة نومه ووضعته تحت الاقامة الجبرية، فيرد عليهم لسان الحال، ان كنت عاجزا كما تقولون فانا اليوم استقبل في مطارات العالم وأنتم تختبئون في الانفاق والكهوف، وبدل الجيش صار لديه عشرة جيوش.
هادي هو صورة مختصرة لاخفاقات اليمنيين في التحول نحو الدولة وهو عقاب مسلط على رؤوس النخب التي دمرت البلاد وحاولت اختزال مستقبلها في المركز المقدس وسطوته التي جعلت من اليمنيين حطبا لصراعاته وأطماعه.