من جديد يعود المبعوث الاممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد إلى المنطقة بحثا عن ثقب ينفذ من خلاله إلى طاولة المفاوضات التي تبتعد كل يوم أكثر من جميع الاطراف التي تتفن في وضع العراقيل لعدم وقوع أي تقارب.
الحوثيون وحليفهم صالح اتقنوا أكثر من غيرهم فن المراوغة ربما استنادا لنصائح إيرانية تمثل جزء من عقيدة إيرانية التفاوضية التي تعتمد على فكرة النفس الطويل دون الالتفات إلى أي نتائج تدميرية على الأرض.
هذه المرة قام الحوثيون بمهاجمة المبعوث الاممي واتهامه بالتحيز للجانب السعودي وذهبوا أبعد من ذلك بكثير حين أعلنوا صراحة رفضهم للتفاوض وبهذا اقفلوا جميع الأبواب التي ظلت طويلا مواربة ولم ينجح الحل في التسرب عبرها.
الحكومة الطرف المقابل في معادلة المفاوضات ليست جاهزة أيضا ومازالت تعاني الانقسام وخطواتها أكثر ارتباكا ولا تدري شيئا عن مستقبل الانخراط في مباحثات مع المليشيا التي نصبت نفسها بدلا عن الحكومة وتسيطر على مفاصل البلاد.
التحالف الطرف الأكثر تأثيرا حاليا على مسار الأحداث في اليمن لا يرغب في انتهاء المواجهات عبر تفاهمات سياسية لا تنزع فتيل الأزمة نهائيا وتحيد المليشيا من المشهد السياسي أو على الأقل تنزع انيابها.
يتعامل التحالف مع المعطيات بمسار مختلف عن ما تحاول الأمم المتحدة رسمه عبر موقدها لليمن حيث كشف أمين عام مجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني عن استراتيجية تقوم على ستة محاور أساسية منها ما هو عسكري يهدف لمواصلة الجهد العسكري لتحرير المحافظات من سيطرة المليشيا وتدمير القوة العسكرية لها وفي الجانب الدبلوماسي قال الزياني ان المجلس يدعم الحهود الدبلوماسية التي تبذلها الأمم المتحدة بالتعاون والتنسيق مع الدول الإقليمية للتوصل إلى تسوية تنهي الأزمة من خلال المرجعيات الأساسية التي تم التوافق عليها دولياً وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 لعام 2015.
المحور الثالث هو إيصال مساعدات الإغاثة الإنسانية إلى الشعب اليمني ورفع الحصار عن المحافظات والمدن التي تعاني من نقص بل شح في مواد الغذائية.
غير أن الأهم من كل ذلك يبقى الملف المتعلق بإعادة الإعمار والبناء نتيجة ما خلفته الحرب الدائرة من دمار وخراب الذي قال الزياني انه يحظى بأولوية ملحة لكنه حرص على عدم الدخول في تفاصيل في دلالة على أن هذا الملف لم يطرح بعد بشكل واضح للتشاور حتى ويبقى ملفا مؤجلا حتى يتم الحسم العسكري.
يبقى اليمن معلقا من عقبيه متروكا للتجاذبات الإقليمية والخلافات الدولية حول كيفية إعادة تقاسم السيطرة والنفوذ وتستمر حياة ملايين اليمنيين عرضة للتأرجح بين كفتي المتصارعين بانتظار وصول حل تأخر وصوله ومازال في النفوس الكثير من الأمل بانفراجه تنهي أسوأ كابوس مرت به البلاد منذ عقود.