أثار قرار الرئيس هادي تعيين اللواء علي محسن الأحمر نائبا للقائد الأعلى للقوات المسلحة ردودا واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي، وعبرت في مجملها عن تفاعلات الرأي العام مع هذا القرار الذي سيكون له مابعده، بحسب تعبير الكثير من المشاركين. جاء القرار في ظرف حساس جدا، حيث تواصل قوات الجيش الوطني والمقاومة تقدمهما بثبات في مناطق شمال الشمال، ولم يتبقى على معقل التمرد في العاصمة صنعاء سوى ثلاثين إلى أربعين كيلو متر تقريبا، وبالتالي فالقرار يدعم هذا التوجه ويعززه.
واعتبر مراقبون ان إعادة محسن لقيادة الجيش هو عامل طمأنة للوحدات المتمردة ولقادة المؤتمر القبلية والحزبية وان الرجل عرف عنه بأنه شخصية تغلب عليها الاحتواء على الانتقام. ورأى محللون عسكريون وسياسيون في اليمن أن تعيين اللواء الركن علي محسن الأحمر نائبا عاما للقائد الأعلى للقوات المسلحة مؤشر على حسم المعركة بالبلاد وإنهاء الانقلاب، بينما لم يخف الحوثيون انزعاجهم من الموقع المتقدم لأبرز خصومهم العسكريين.
ويأتي هذا القرار في وقت تستعد فيه قوات الجيش الوطني والمقاومة لبدء المرحلة الثانية من المعركة مع الحوثيين وقوات صالح في مديرية نِهم (شرق العاصمة)، ثم التوجه بعدها لاستعادة منطقة نقيل بن غَيْلان الإستراتيجية بالمديرية، بحسب الناطق باسم مقاومة صنعاء عبد الله الشندقي.
ويُنظر إلى الأحمر على أنه شخصية عسكرية تتمتع بخبرة كبيرة في القيادة والحروب، حيث شارك في حروب صعدة الست التي بدأت عام 2004 ضد الحوثيين من خلال موقعه قائدا للفرقة الأولى مدرع (سابقا) والمنطقة العسكرية الشمالية والغربية.
ومع اندلاع ثورة 11 فبراير 2011 ضد نظام الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، أعلن اللواء الأحمر انشقاقه عن نظامه في 21 مارس ودعمه الثورة وحمايته المتظاهرين في ساحة التغيير قرب جامعة صنعاء.
وتعليقا على هذا القرار، عدّ المجلس العسكري بمحافظة تعز تعيين اللواء علي محسن مكسبا وطنيا كبيرا على طريق استكمال بناء القوات المسلحة، مبديا أمله في "أن تشكل هذه الخطوة منعطفا مهما على صعيد إنجاز عملية التحرير الشاملة واستكمال بناء القوات المسلحة وفق معايير وأسس مهنية تتجاوز إشكالات الولاء العائلي والمذهبي".
ودعا المجلس -في بيان له- "جميع أبناء الشعب إلى الوقوف خلف مؤسسته العسكرية والثقة بها لإنجاز استحقاقات التحرير الكامل للوطن من مليشيا البغي والعدوان والانقلاب".
وفي معرض تعليقه على الخطوة، قال المحلل العسكري علي الذهب إن "القرار يعدّ مؤشرا قويا على تطور الموقف العسكري ودخوله أفقا آخر، لا سيما مع تدهور الوضع الأمني والعسكري في محافظات الجنوب، وتنامي دور القاعدة فيها، وتصلب موقف الحوثيين وصالح ورفضهما الحلول السلمية".
وأشار في حديث للجزيرة نت إلى أن قوة اللواء محسن ترتكز على قاعدة تنوع التكوين، يتداخل فيها الجيش والقبيلة، وهما أهم أدوات السلطة وأساس رسوخ دعائمها في اليمن، ولا يزال الرجل يحظى بالقوة إضافة إلى اتساع شعبيته، ويمثل للكثير من اليمنيين مخلصا من كابوس الانقلاب، رغم محاولة الحوثيين وصالح تحطيمه على مدى العام ونصف العام الماضية.
وبدوره، رأى رئيس مركز أبعاد للدراسات عبد السلام محمد في القرار استعدادا لإنهاء المعركة واستعادة العاصمة ودخول صعدة، ومحاولة من الرئيس هادي لتقليل كلفة الحسم العسكري واستقطاب العسكريين والقبليين من حول صالح.
وأوضح للجزيرة نت أن الخطوة قصد بها إنهاء حالة الفوضى في معسكرات الشرعية لانعدام القائد كون الرئيس مشغول بملفات سياسية ودبلوماسية والقائد العام وزير الدفاع معتقل.
أما رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات نجيب غلاب فقد أبدى تفاؤله بتعيين اللواء محسن لقناعته ومعرفته بأنه على قدر التحدي ومؤمن بأهدافه ويعرف جيدا طبيعة المعركة.
من جهته، يقول المحلل السياسي، عبدالله إسماعيل، إن "توقيت قرار التعيين يؤكد اتخاذ قرار الحسم بأدوات تعرف دروب الحسم في منطقة شمال الشمال"، مضيفاً "لا أعتقد أن القرار موجّه لأي أحد إلا لاستكمال التحرير، وفرضته ظروف وضرورات المعركة في الأيام المقبلة". ويعتبر إسماعيل أن "الجنرال موجود عمليا خلال الأشهر الماضية في مختلف جبهات المواجهات الممتدة من مأرب والجوف إلى حرض وميدي، وما حدث هو الإعلان رسمياً عن تسليم قيادة الجهد العسكري إلى رجل خبر مواجهة مليشيا الحوثيين، ويدرك التعامل مع صالح وألاعيبه، ويمكنه التأثير على قيادات لا تزال تعمل لحساب صالح حتى الآن".