طالب المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، من مجلس الأمن الدولي بـ"الدعم الكامل لخطة السلام" والتشديد على الوقف الفوري للأعمال القتالية والإفراج عن كافة الأسرى والمعتقلين، مشيراً إلى أنه أُبلغ بطرق غير رسمية عن رفض الأطراف اليمنية لخارطة الطريق.
وقال ولد الشيخ في إفادة قدمها خلال جلسة خاصة حول اليمن في مجلس الأمن، اليوم الإثنين، إن "ما يشهده الميدان اليمني حاليا لا يتماشى مع مسار السلام الذي التزمت به الأطراف من خلال تعهداتهم للأمم المتحدة وللمجتمع الدولي".
وتابع المبعوث الأممي أن "تصرفات الأطراف على الأرض تخالف الالتزامات التي قدموها مسبقاً بالانخراط الكامل، بشكل بناء، مع مسار السلام الذي تيسره الأمم المتحدة"، مشيراً إلى أن وقف إطلاق النار الذي أعلن لـ72 ساعة، تعرض "مع الأسف الشديد لخروقات عديدة من قبل الطرفين منذ يومها الأول".
وأضاف أن "التصعيد العسكري بالصورة التي شهدها اليمن في الأسابيع القليلة الماضية هو أمر في غاية الخطورة فقد تصاعدت وتيرة العنف في تعز ومأرب والجوف وحجة وعلى المناطق الحدودية مع المملكة العربية السعودية، إذ زادت الهجمات بالصواريخ البالستية من حيث الكم والمدى".
وتابع أن "ما هو في قمة الخطورة أيضا استهداف منطقة مكة المكرمة بصاروخ بالستي، وهذا يعتبر تطورا خطيرا يؤثر على مجرى الحرب ويمس مشاعر ما يزيد عن مليار ونصف المليار مسلم في العالم".
وأشار مبعوث الأمم المتحدة إلى استهداف السفن التي تبحر على مقربة من الساحل اليمني بالقصف من مواقع تابعة لسيطرة الحوثيين بحسب التقارير، ولفت إلى استهداف السفينة الإماراتية ومدمرات أميركية، وما أعقبها من رد من قبل بحرية الولايات المتحدة.
وقال إن "تكرار مثل هذه الحوادث مؤشر خطير قد يؤدي إلى تصعيد حاد للقتال وتهديد أمن حركة الملاحة العالمية".
وأشار إلى أن "السلطات المحلية في اليمن عاجزة عن تأمين الخدمات الأساسية للشعب"، وأن "من المفجع أن القطاع الصحي على وجه الخصوص من أكثر القطاعات تضرراً، حيث إن 45 بالمائة فقط من المراكز الاستشفائية قادرة على العمل. وبالإضافة إلى صعوبة تأمين العلاج داخل البلاد فإن اليمنيين غير قادرين على السفر للعلاج بحكم منع الطائرات التجارية من صنعاء".
وفي هذا السياق طالب المبعوث الدولي "بإعادة حركة الملاحة الجوية التجارية إلى العمل فوراً واستئناف الرحلات التجارية من وإلى صنعاء دون المزيد من التأخير، كما طالب الحوثيين وحلفاءهم بتأمين حرية الحركة من دون عوائق للعاملين الإنسانيين حتى يتمكنوا من إيصال المساعدات إلى جميع من هم بحاجة إليها من دون أية ضغوطات أو تبريرات".
وقال إن "تدهور الوضع الاقتصادي يهدد بخلق أزمة إنسانية أكبر بكثير إن لم تتخذ خطوات صارمة وبأسرع وقت لإنقاذ ما يمكن إنقاذه".
وانتقل المبعوث الأممي للحديث بشيء من التفصيل حول خارطة الطريق التي تقدم بها للأطرف اليمنية، وقال "لقد أجريت خلال الأسابيع الماضية مشاورات مكثفة مع الفرقاء اليمنيين والمجتمع الدولي وقدمت للأطراف خارطة عمل لإنهاء النزاع تتماشى مع قرار مجلس الأمن 2216 والقرارات ذات الصلة، ومبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني".
وأوضح ولد الشيخ أن خارطة الطريق تشمل سلسلة إجراءات أمنية وسياسية متسلسلة ومتوازية من شأنها أن تساعد على إعادة اليمن للسلام وللانتقال السياسي المنظم، وترتكز على إنشاء لجان عسكرية وأمنية تشرف على الانسحابات وتسليم الأسلحة في صنعاء والحديدة وتعز، كما ستعنى هذه اللجان بمهمة ضمان إنهاء العنف العسكري والإشراف على سلامة وأمن المواطنين ومؤسسات الدولة.
وزاد من الحديث حول تفاصيل الخارطة بأنها تتطرق "كذلك إلى مجموعة إجراءات سياسية انتقالية تشمل مؤسسة الرئاسة بما في ذلك تعيين نائب رئيس جديد وتشكيل حكومة وفاق وطني لقيادة المرحلة الانتقالية والإشراف على استئناف الحوار السياسي وإكمال المسار الدستوري ومن ثم إجراء الانتخابات".
وقال مبعوث الأمم المتحدة إن "ما بلغني حتى الآن بطرق غير رسمية يشير إلى رفض الأطراف لخارطة الطريق، وهذا دليل على عجز النخبة السياسية في اليمن عن تجاوز خلافاتها وتغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية". وأضاف "لقد حان الوقت لكي يدرك الأطراف أن ما من سلام دون تنازلات وما من أمن دون اتفاقات، ويجدر بهم الاحتكام إلى ما يضمن الأمن والاستقرار لليمنيين".
وكشف ولد الشيخ أنه سيعود إلى المنطقة بعد هذه الإحاطة لاستئناف المشاورات مع الأطراف في صنعاء والرياض بهدف التوصل إلى اتفاق سياسي مفصل بناء على خارطة الطريق".
وقال إن "الكرة الآن في ملعب الأطراف اليمنية واستعدادها لإعطاء الأولوية للسلام والاستقرار". كما اعتبر أن "هذه الخارطة تشكل مع كل ما تم الاتفاق عليه في الكويت نواة حل شامل وعملي ممكن التوصل إليه قريبا، في حال تصرف الفرقاء بحسن نية ووعي سياسي ووطني".
وقال ولد الشيخ "خارطة السلام التي عرضها على اليمنيين حظيت بتأييد قوي من المجتمع الدولي كونها توفر حلا كاملا وشاملا وفيها ما يضمن التمثيل السياسي لكل الفئات". مضيفاً أن "الاجتماعات الرباعية لوزراء خارجية الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في جدة ونيويورك ولندن رسخت هذه الجهود، ولا شك أن دعم نظرائهم من باقي دول مجلس التعاون الخليجي كان جوهريا في هذا السياق".
وطلب مبعوث الأمم المتحدة في ختام إفادته من كافة أعضاء مجلس الأمن "الدعم الكامل لخطة السلام والتشديد على الوقف الفوري للأعمال القتالية، والإفراج عن كافة الأسرى والمعتقلين"، وختم "لليمنيين اليوم أقول إن فجر السلام قد يكون قريبا في حال قرر المسؤولون تغليب المصلحة الوطنية والعمل على بناء دولة مستقرة تضمن حقوق كل أبنائها دون أي تمييز".