منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية ضد الرئيس السابق عمر البشير في 19 كانون الأول/ديسمبر 2019م، قتل أكثر من 246 متظاهراً في أرجاء السودان.
وبحسب لجنة أطباء السودان المركزية، من بين القتلى 127 شخصاً قتلوا في الثالث من حزيران/يونيو خلال عملية دامية لفض اعتصام أمام مقر قيادة القوات المسلحة في الخرطوم، فيما منظمات محلية ودولية تؤكد أن الرقم أكبر من ذلك بكثير، إذ لا يزال هناك العشرات في دائرة المفقودين.
وأطلق السودانيون على يوم فض الاعتصام "يوم الغدر الكبير"، فقد أفرط الجيش في استعمال القوة والعنف لفض اعتصام سلمي لمجموعة من الشبان يطالبون بدولة الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية.
ومن خلال تتبع سياق وأحداث الثورة السودانية، وبالنظر إلى أراء عدد كبير من الناشطين في الحراك السلمي السوداني فما حدث في السودان مؤخراً هو إعادة انتاج لما حدث في مصر 2013م أثناء فض اعتصام رابعة المؤيد للرئيس المعزول الراحل محمد مرسي، وشدة التطابق هو النفوذ الإماراتي والسعودي مع العسكر.
يتخوف كثير من شباب الثورة من المآل الذي يمكن أن تفضي إليه الثورة السودانية إذا استمرت التدخلات الخارجية، وخاصة من دول الخليج، والتي تعمل على إعادة العسكر إلى السلطة وسحق كل أحلام الشعوب في دولة العدالة والقانون.
وحسب مراقبين فإن المخطط الإماراتي السعودي يسير لوأد الثورة الشعبية في السودان من خلال: دعم وتسليح المجلس العسكري الانتقالي الذي يتفاوض مع المحتجين، وكذلك استغلال القادة المدنيين الذين يسعون إلى تطهير الجيش والحكومة والخدمة المدنية والقضاء من الإسلاميين، وإذا تحقق ذلك فليس سوى تأسيس لوضع شاد وعودة للفوضى من جديد.
هل سيستجيب العسكر لتطلعات الشعب السوداني في دولة العدالة والقانون، وإعادة الاعتبار للتضحيات التي قدمت على مدى نصف قرن من الزمان؟، هذا هو السؤال الذي يلح على الشارع السوداني والذي يتطلع على استقرار وعودة الحياة لمسارها الطبيعي واستئناف الحياة السياسية بعيداً عن كل احمال النظام السابق وتجاذبات ونفوذ الدول راعية الفوضى في الوطن العربي كله.