إلى أين وصل الحرك الثوري والجماهيري في الجزائر، وما الذي حققه حتى الآن منذ اندلعت شرارة الاحتجاجات في 22 فبراير/ شباط 2019م، المطالبة بتنحي الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة (83 عاماً) الذي كان ينوي الترشح لولاية خامسة، رغم حالته الصحية المتدهورة، ويحكم البلاد منذ 27 أبريل/ نيسان 1999م وحتى تنحيه عن السلطة في الـ 2 أبريل/ نيسان 2019م.
يمكن القول: إن أهم إنجاز تحقق للحركة الاحتجاجيّة حسب معهد الدراسات الأمنية، تمثل في استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 2 أبريل/ نيسان 2019م، بعد بقائه في الحكم عشرين عاماً وتحت ضغط الاحتجاجات الشعبية المتواصلة، وهو أهم أنجاز فتح أمام الشعب الجزائري شهية كبيرة نحو التغيير السلمي.
فيما أخفق الحراك الشعبي والسياسي حتى الآن، في إحداث تغيير حقيقي داخل بنية السلطة العميقة التي يمسك حالياً زمامها العسكر، وهو ما يمثل حسب مراقبين أن التغيير المنشود لا يزال شكلياً، ولم يصل إلى مكانه الطبيعي الذي على ضوئه يمكن الحديث عن تغيير داخل البلاد وسير نحو المستقبل بأمان.
كانت الخطوة الثانية، أو الاختراق الأخر، الذي تحقق في الجزائر منذ اندلاع الحراك الشعبي، هو رفع مستوى حرية التعبير، إذ يعد ذلك اختراقاً حيوياً وجوهرياً في بلد كان سقف الحريات فيه ضمن إطار مسيطر عليه وفي حدود دنيا، وهذا الاختراق يمثل هو الأخر قوة للشارع الجزائري، ويسير بالبلاد نحو مزيد من الانفتاح على الديمقراطية، إلا أن هذه الخطوة لا تزال في بداية السلم؛ فلم تتحول الصحافة إلى ناقدة وقادرة على خلق فضاء عام ضمن إطار حرية حقيقة، والسبب إلى أن التغيير لا يزال شكلياً.
الواقع حالياً في الجزائر هو: أن النظام ما زال يرفض رفضاً قاطعاً المطلب المحوري، وهو تفكيك السلطة القائمة وإنشاء هيئات انتقالية، وكذلك رحيل جميع الذين رافقوا بوتفليقة ودعموه أثناء فترة السلطة، وأغلب هؤلاء مارسوا الفساد.
يؤكد معهد الدراسات الأمنية: بأن الغموض يزداد مع اشتداد المأزق بين الحركة الاحتجاجية المتواصلة والحكومة الرافضة لأي تغيير في بنية السلطة، ما قد يعمق الأزمة طويلاً ولكنه على كل حال لن يكرر تجارب دموية سابقة كالتي جرت مطلع تسعينات القرن الماضي.