وكأن مآسي البرد وغياب التدفئة ليست كافية، حتى تواصل قوات نظام الأسد المدعومة من قبل روسيا، والمليشيات التابعة لإيران والموالية لها، فرض حصارها على مدينة حلب شمالي البلاد، دون أي مبالاة بصرخات الأطفال والنساء والعجائز، الذين نفدت مخزونات طعامهم منذ أيام.
ومنذ نحو 3 أسابيع، تتعرض حلب لقصف مكثف للغاية، أودى بحياة مئات من المدنيين، وجرح آلاف آخرين، ضمن مساعي نظام الأسد للسيطرة على مناطق المعارضة في شرق المدينة بعد 4 سنوات من فقدانه السيطرة عليها.
وحققت قوات الأسد نجاحا ملموسا في الأيام الأخيرة، وتمكنت من تحويل حلب إلى خرابة كبيرة، تُخفي تحت أنقاضها آلاف الجثث، وتنتظر مزيدا من البشر مُتوقع انضمامهم إلى قافلة الموت، لكنَ هذه المرة من الجوع.
من بين هؤلاء الناس، وصف أبو عبيد حال مدينته قائلا، "الوضع كارثي، ونشعر بالقهر كل لحظة ونحن نشاهد إخواننا وأطفالنا يموتون يوميا من حولنا".
وبحسرة تابع، "شبح الموت جوعًا أضحى يُساير أذهان كل من بقي في المدينة، ولا نرى بزوغ أي أمل في الأفق بخصوص دخول مساعدات، ونخشى نفاد كميات الفاصولياء الباقية، مصدر الطعام الوحيد حاليا".
وعن مجرى الحياة اليومية، لفت أبو عبيد أن "أسعار ما تبقى من المواد الغذائية تتضاعف باستمرار، وعليها طلب كبير، فضلا عن عدم توفرها بصورة دائمة".
وأضاف، "بلغ سعر الـ 4 أرغفة من الخبز 100 ليرة سورية (قرابة ربع دولار أمريكي)، وحتى من يمتلك هذا المبلغ، ليس بإمكانه نيل الخبز وقتما شاء".
يُشار أن سعر رغيف الخبز قبل اندلاع الأزمة في سوريا كان يقدر بليرة واحدة.
وتابع، "يأتينا الخبز محملًا داخل عربة صغيرة ثلاث مرات في الأسبوع، وسرعان ما ينفد خلال نصف ساعة كحد أقصى، ومن تفوته عملية الشراء، عليه أن ينتظر يوما آخر للحاق بالعربة التالية".
وأردف أبو عبيد، "مع الأسف صار الظفر بالخبز في حلب سببا كافيا لإدخال السرور على أسرة كاملة".
ولم يُخفِ أبو عبيد مخاوفه من نفاد مخزون الفاصولياء والمعكرونة المتبقية في المدينة في ظل تواصل الحصار، لكنه تمنى أن يجد العالم حلا لهذه الآلام في أقرب وقت.
وانقسمت حلب عام 2012، إلى أحياء شرقية تحت سيطرة المعارضة، وأخرى غربية تحت سيطرة قوات النظام.
واضطر آلاف من الأطفال والنساء والمسنين إلى النزوح من مناطقهم تحت وطأة غارات جوية وقصف صاروخي مكثف تشنه قوات نظام الأسد على مناطق سيطرة المعارضة، وفر بعضهم من خط الجبهة إلى مناطق يعتقدون أنها أكثر أمنا داخل سوريا، بينما فضل البعض الآخر التوجه إلى مناطق قريبة من الحدود التركية.
ويحاول السوريون الفارون نحو الحدود التركية، العيش في مخيمات أقاموها على أراض سورية خالية، في مقابل بلدة يايلادغ التابعة لولاية هطاي التركية المحاذية.