وتعرضت بسببه الحكومة إلى حملة انتقادات وردح مستمر بسبب عجزها عن دفع رواتب موظفي الدولة.
يوم الأثنين الماضي، كشف البنك المركزي بوضوح عن خلية تابعة للتحالف تمنع وصول الأوراق النقدية المطبوعة في الخارج إلى عدن، وهو ما حرم الموظفين الحكوميين رواتبهم.
وبحسب بيان رسمي للبنك، تكرر المنع 13 مرة عندما ألغيت تصاريح هبوط 13 طائرة في المطار.
وتهيمن الإمارات عبر قوات دربتها وأنشأتها بشكل خاص على أمن مطار عدن. وسبق ان منعت هذه القوات طائرة الرئيس هادي من الهبوط في المطار وأدى ذلك إلى توترات أمنية.
وتزامن بيان البنك المركزي مع مغادرة رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر العاصمة المؤقتة عدن برفقة المحافظ عبد العزيز المفلحي إلى الرياض تنفيذا لتوجيهات الرئيس هادي.
وعد كثير من الناشطين مغادرتهما أنها تأتي في سياق المحاولات الإماراتية للضغط على الرئيس هادي بإقالة المحافظ المفلحي والذي لازال غير قادرا على ممارسه مهامه لذات السبب.
وقال مراقبون ان بيان البنك المركزي يأتي في ظل رغبة رسمية في فضح الممارسات الإماراتية التي تستهدف تفتيت الدولة اليمنية وتقويض سلطة الرئيس هادي والسلطة المحلية.
يأتي ذلك ضمن إجراءات كثيرة تقوم بها الإمارات وتجاوزت محاولات الهيمنة على القرار اليمني والسيطرة على منابع النفط والجزر الاستراتيجية.
وبات من المعتاد، صدور تقارير حقوقية دورية بين الفترة والأخرى عن انتهاكاتها الجديدة.
كان آخرها تقرير منظمة "سام" للحقوق والحريات التي حذرت من تنامي الانتهاكات في شبوة من قبل قوات النخبة الشبوانية التي تديرها الإمارات.
وأشارت المنظمة إلى أن الانتهاكات مورست في حق أفراد، بينهم نساء وأطفال، ينتمون جميعا إلى قبائل العولقي، ونقلوا إلى مقار عسكرية للتحقيق معهم دون تمييز بين الرجال والنساء والأطفال.
وأبدى ناشطون قلقهم من محاولات استدعاء ثارات أحداث 13 يناير 1986م في الساحة الجنوبية. محذرين من اعتقالات تستهدف محيط قبلي معين وتغذية نزاعات قبلية ضد أخرى غير موالية لها.
وسبق لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن كشفت عن تقديم الإمارات الدعم لقوات يمنية احتجزت تعسفا وأخفت قسرا عشرات الأشخاص خلال عمليات أمنية.
كما تحدثت تقارير حقوقية عن 18 سجنا سريا فيها أكثر من ألفي معتقل تمارس فيها عمليات تعذيب وحشية ومذلة بحق الضحايا من بينها الصعق بالكهرباء والاعتداء الجنسي والشواء على النار.
وأعادت هذه الصورة إلى الأذهان شبح سجن أبو غريب في العراق والذي مارست فيها القوات الأمريكية أبشع انواع التعذيب في حق المعتقلين.
ودربت الإمارات مليشيا في عدن والمحافظات الجنوبية لا تخضع للسلطة الشرعية.
مهمة هذه القوات كما تبين لا حقا إفشال أي تحرك تقوم به القوات الشرعية وجعلها تعيش في فوضى عارمة وإظهارها بمظهرالسلطة الفاشلة التي لا تستطيع توفير أبسط حقوق المواطن، وهو الأمن.
خلال هذا الأسبوع، أفادت مصادر محلية وفاة سجين ثالث في سجن تشرف عليه القوات الإماراتية في مديرية المنصورة بعدن.
وأكدت المصادر أن منظمات حقوقية دولية عبرت عن قلقها بوضوح من وضع المعتقلين في جنوب اليمن وخاصة في عدن وحضرموت، وأدانت كافة الانتهاكات والجرائم التي ترتكب من اختفاء قسري وتعذيب وتصفية جسدية.
وإلى جانب الانفلات الأمني المرعب الذي تعيشه عدن بين فترة وأخرى، هناك تعثر في الخدمات الأساسية. وقد نفذ محتجون وقفات احتجاجية عديدة للمطالبة بتوفير الخدمات الأساسية خاصة الكهرباء.
وتواجه المدينة رعب الاغتيالات الوحشية والتي تنفذ بطريقة شبه رسمية أحيانا مثلما حدث خلال هذا الأسبوع، في حادثة اغتيال مدير أمن مديرية رصد في محافظة أبين، حسين قماطة.
اقتحم أفراد من شرطة عدن أحد فنادق المدينة وتم اغتيال قماطة وسحل جثته وإصابة قائد الحزام الأمني في المديرية الشيخ عبد الرزاق الجردمي خلال عملية الدهم.
وبررت شرطة عدن إن العملية جرت بناء على أمر من النيابة العامة.
مسؤول أمني كشف لصحيفة القدس العربي اللندنية ان "مليشيات تتبع الإمارات مسؤولة عن عدد من الاغتيالات التي طالت مسؤولين أمنيين ومدنيين في عدن في الفترة الأخيرة".
ونوه إلى أن "اغتيال حسين قماطة مدير أمن مديرية رصد في أبين على يد قوة تابعة لأمن مدينة عدن يدخل في سياق تصفية حسابات تجري بغطاء إماراتي".
وأضاف ان ذلك "جاء لتوجيه رسالة لقبائل يافع التي ينتمي إليها قماطة، حاولت التقرب من الرئيس هادي ومن الحكومة الشرعية، وان الدور القادم على قيادات أكبر، حسب تعبيره.
وتصاعدت وتيرة الاغتيالات في عدن بصورة لافتة خلال الأونة الأخيرة، الأمر الذي دفع الكثير من المراقبين إلى النظر بشك واتهام للأجهزة الأمنية ذاتها والقوات الإماراتية الحليفة لها حيال ذلك.
وقد بدأت موجة الاغتيالات باستهداف رجال دين من التيار السلفي، وشهدت المدينة بعدها موجة اغتيالات دامية استهدفت عددا من الشخصيات في مناصب هامة.
وكانت مصادر يمنية اتهمت في وقت سابق أطرافا لها علاقة بالإمارات بتنفيذ عمليات اغتيال وتصفية قيادات سلفية في عدن لأنها تناوئ فصيلا تدعمه الإمارات.
وتحاول الإمارات تقديم نفسها كذراع جدير بالثقة للولايات المتحدة في محاربة ما تسميه بالإرهاب.
لكن يبدو ان هذه المهمة لن تنال رضى واشنطن، إذ شكك تقرير حديث لمعهد المشاريع الأميركي في قدرة القوات الإماراتية على القضاء على تنظيم القاعدة في اليمن.
واستبعد التقرير قدرة القوات الإماراتية -التي وصلت محافظة شبوة تحت مسمى الحرب على القاعدة بدعم لوجستي أميركي- على إزالة الملاذات الآمنة للتنظيم في المحافظة بشكل دائم.
ومثل الإمارات، ظلت السعودية تحارب التنظيم بضراوة خلال السنوات الأخيرة خاصة بعد ان طالتها حملة أمريكية كبيرة على خلفية تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001م.
ورغم جهودها في هذا المجال، الا ان هجمات الصحافة الأمريكية وتصريحات المسؤولين في واشنطن لم تتوقف في اعتبار المملكة مصدرا فكريا للإرهاب.
ويبدو ان ما كشفه المسؤول الأمني السابق هو مؤشر البداية إلى ما سؤول إليه جهود الإمارات.
أخطر ما كشفه هذا المسؤول هو تأكيده بأن بعض السلاح الذي توزعه الإمارات في الجنوب وصل إلى بعض عناصر القاعدة بطريقة غير مباشرة بحكم اختراق القاعدة لبعض المليشيات السلفية.
مؤكدا ان معارك الإمارات في الجنوب ضد تنظيم القاعدة هي معارك وهمية، حيث ينسحب التنظيم قبل دخول القوات التابعة للإمارات، ويختفي معظم عناصره من المشهد، ويتم السماح لهم بالانسحاب بعرباتهم العسكرية إلى الجبال أو الصحراء، دون استهداف، كما حصل في شبوة وحضرموت.