ورقة لإلقاء ما تبقى من اليمنيين في محرقة الحرب التي اشعلوها، المستهدف هذه المرة أولئك الذين لم ينساقوا لدعواتهم الطائفية ولم ينخدعوا بالشعارات السياسية، ولا اولئك الذين أغرتهم مصاريف المشاركة في الحرب.
تعتزم مليشيا الحوثي فرض قانون الخدمة العسكرية الالزامية على جميع الشباب ممن بلغوا الثامنة عشر، فيما يبدو أنها ورقة من أوراق التحشيد العسكري بعد فشل أدواتها المجتمعية في استمرار رفد جبهاتهم بعد مقتل عشرات الالاف من مقاتليهم في جبهات القتال.
انتهت المليشيا الحوثية من إفساد واقع اليمنيين، لتتجه اليوم لارتكاب جريمة أكبر باستهداف المستقبل، بالزج بأكبر قدر ممكن من بالشباب الذين بقوا خارج هذه الدائرة طيلة أعوام الحرب، ولكن عبر القانون هذه المرة، قانون المليشيا القائم على العنف والقهر.
يقول مراقبون إنه ما كان لمليشيا الحوثي أن تقدم على هذه الخطوة مالم تكن مطمئنة إلى قوة سلطتها في مناطق سيطرتها، فمن شأن خطوة كهذه أن تفجر في وجه الجماعة مقاومة هي في غنى عنها، إلا أن حروبها التي شنتها خلال الأشهر الماضية في عدد من المناطق التي ظلت خارج سيطرتها المباشرة خلال الأعوام الماضية، ولجوئها للعنف المفرط في سبيل اخضاع هذه المناطق، كرسها كقوة وحيدة تحكم بالعنف والقهر، مقابل تقلص خيارات المجتمعات المحلية في مواجهتها.
تمزق اجتماعي
تكمل مليشيا الحوثي مهمتها في تمزيق النسيج الاجتماعي وإعاقة فرص السلام، وتحفر في الجسد اليمني جرحاً لن يندمل قبل سنوات طويلة.
الصحفي رشاد المخلافي اعتبر نية مليشيا الحوثي بإعادة تفعيل قانون التجنيد الاجباري واحدة من ضمن الفظائع والجرائم التي ترتكبها مليشيا الحوثي بعد قيامها بعملية تدمير كامل وممنهج للعملية التعليمية.
وأوضح المخلافي خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" مساء السبت (13 يوليو/تموز) أن إقدام مليشيا الحوثي على هذه الخطوة والزج باليمنيين إلى محارق الموت سينتج مزيدا من التمزق الاجتماعي ومزيدا من التفكك والصراعات.
ونشر القيادي لدى المليشيا محمد علي الحوثي بصفحته على موقع تويتر القانون الخاص بالخدمة الإلزامية، في إشارة إلى مسعى المليشيا لتطبيقه وفرضه في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وجاء في إحدى نقاط القانون فرض المليشيا مبالغ مالية لمن لا يرغب في أداء الخدمة الإلزامية.
وتعليقا على ذلك قال المخلافي إن المليشيا تنطلق من أيديولوجيا قديمة قائمة على الجبايات وفرض الإتاوات، وكان آخرها إغلاق ثلاث مدارس أهلية في صنعاء وإجبارها على دفع مبالغ مالية لاستئناف نشاطها.
فشل في التحشيد
بدوره؛ قال الكاتب والباحث زايد جابر إن مشروع مليشيا الحوثي هو القتال، واصفا تلويحها بإعادة العمل بقانون الخدمة الإلزامي بالخطير.
وأعتبر جابر لجوء مليشيا الحوثي لهذا القانون دليل على فشلها في تحشيد الناس والاستجابة لها، لأنه لو كانت هناك استجابة أو قبول لما احتاجت المليشيا للتلويح بهذا القانون.
وفي المقابل؛ لم يقلل جابر من الخطر المحدق لليمنيين من وراء التلويح بهذا القانون، بسبب "حالة الفقر المدقع والجهل وصغار السن، وهذه بيئة تعمل فيها المليشيا لتجنيد العاطلين عن العمل بالترغيب والترهيب وباستغلال حاجات الناس".
تجنيد إجباري
المحامي والناشط الحقوقي عبدالرحمن برمان يرى أن لجوء مليشيا الحوثي لهذه الخطوة جاء بعد مقتل أعداد هائلة من أفراد الجماعة وبعد عزوف الأهالي عن تجنيد أطفالهم وإرسالهم إلى الجبهات طواعية، وبالتالي اتجهت لهذه الخطوة.
برمان أوضح أنه في حال أصدرت المليشيا هذا القانون ستكون هناك انتهاكات واسعة ومداهمات للمنازل وللمناطق ومحاولة تجنيد إجباري، وسيكون هناك نزوح كبير للسكان.
وعن دور الحكومة والمنظمات الحقوقية أمام هذه المحاولات الحوثية لفرض التجنيد الإجباري، قال برمان إنه يمكن القيام بخطوات، لكنها لن تكوت ذات جدوى في ظل التعامل مع عصابة مسلحة لا تقبل بهذه الخطوات.
وكانت مليشيا الحوثي أعلنت، بداية الشهر الجاري، تدشين مراكز صيفية في العاصمة صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرتها، بعد خطاب متلفز لزعيمها عبدالملك الحوثي، حث فيه الأهالي إلى إلحاق أبنائهم في المراكز الصيفية التي فتحت أبوابها، وسخرت المليشيا وسائلها ومنابرها الإعلامية والمساجد لحث الأهالي على ضرورة إلحاق أطفالهم بهذه المراكز الصيفية الطائفية، وسط تحذيرات من خطورتها على الأجيال والمجتمع اليمني مستقبلاً.
وقال المتحدث باسم مليشيا الحوثي، محمد عبدالسلام على صفحته الخاصة بموقع تويتر: إن هذه المراكز "تقدم جرعة ثقافية لتحصين النشء ممن أسماها" السموم التكفيرية"، وتبني جيلاً يتحمل المسؤولية على أكمل وجه".