الدور الروسي الذي بقي هامشياً خلال المرحلة الماضية في طريقه ليصبح واحداً من أبرز الأدوار المؤثرة على المشهد اليمني، بحسب مراقبين.
علاقاتها بأطراف الصراع
تقول روسيا إنها تسعى للتوصل إلى حل توافقي للأزمة اليمنية عبر استغلال علاقاتها الجيدة مع مختلف الأطراف على الساحة اليمنية.
تُلقي روسيا برأس مالها السياسي في اليمن، لكن لا أحد يجزم ما إذا كان لدى موسكو القدرة على تحويل علاقاتها الجيدة بالأطراف اليمنية إلى إنجاز لم تستطع تحقيقه الأمم المتحدة.
الناشط السياسي والحقوقي البراء شيبان قال إن روسيا تحاول أن يكون لها دور في الملف اليمني قليل التكاليف، لأنها تنظر لليمن من ناحية دورها في المنطقة، وخاصة بعد تعاظم دورها في الملف السوري بعد التراجع الواضح لدور الولايات المتحدة.
وأضاف شيبان، خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" مساء أمس، إلى أن اليمن تاريخياً هي أقرب للولايات المتحدة منها لروسيا على المستوى السياسي، وما زالت حتى اللحظة تدعم الحكومة الشرعية خلافاً لروسيا التي تلعب على المتناقضات.
ولفت شيبان إلى أن الروس منفتحين على الحوثيين أكثر من الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي.
وعلى المستوى الدبلوماسي، أوضح شيبان إلى أن روسيا لا تعترف إلا بالحكومة الشرعية كما أعلنت ذلك مراراً، في ظل احتفاظها بعلاقات مع حزب المؤتمر الشعبي العام، خصوصا مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح قبل مقتله.
دور محدود
وأردف شيبان إلى أن روسيا تحاول أن تفتح خطوط اتصال مع الجهات الغير رسمية في كثير من الدول وتلعب على المتناقضات والفراغ الذي تتركه الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن دور روسيا يتناقض مع دور الولايات المتحدة من الناحية الدبلوماسية.
ونوه شيبان إلى أن الدور الروسي في اليمن سيستمر، لكن لا يستطيع تجاوز الحدود بسبب أن روسيا مثقلة بملفات اقتصادية كبيرة، أهمها الملف السوري.
من جهته؛ الباحث في العلاقات الدولية علي العبسي قال إن القضية اليمنية لم تعد قضية محلية ويمنية، بل أصبح لها أبعاد دولية، وبالتالي تتحرك روسيا من موقعها كدولة كبرى لأنه لم يعد بإمكانها تجاهل الأزمة اليمنية.
وعن لقاءاتها مع الأطراف اليمنية المختلفة، أوضح العبسي إلى أن روسيا تتحرك من واقع الوقائع على الأرض لتكون مؤثرة على الموقف بشكل عام في اليمن لتحاول من خلاله أن تلعب دوراً في اليمن، مشيرا إلى أن الدور الروسي في اليمن ليس بجديد؛ إذ كانت هناك علاقات قوية مع شطري اليمن وروسيا أبان الاتحاد السوفيتي.
لا اعتراف بالانتقالي
وحول إمكانية دعم روسيا للمجلس الانتقالي الجنوبي في الاستقلال بحكم العلاقة التي كانت قائمة بين الجنوب وروسيا، قال شيبان إن الدول تُحكم بالمصالح، لافتا إلى أن مصلحة روسيا الآن هي مع الحكومة الشرعية في حال ما استقرت اليمن.
واستبعد شيبان أن تقدم روسيا على الاعتراف بالمجلس الانتقالي الجنوبي، باعتبار جنوب اليمن لم يعد يمثل لروسيا ذلك العمق الكبير.
وبشأن تساءل: هل تنظر روسيا لليمن كمنطقة نفوذ أمريكي خالص بحكم علاقة الرياض بواشنطن، أوضح العبسي أن أمريكا تعتبر اليمن ملفا أمنيا قبل أن يكون ملفا سياسيا، وتتعامل مع اليمن كقضية إرهاب وكقضية أمنية، والدليل على ذلك أن المسؤول عن الملف اليمني في الإدارة الأمريكية ليست وزارة الخارجية، وإنما المخابرات المركزية والقيادة المركزية للقوات المسلحة الأمريكية.
مشيرا إلى أن روسيا تحاول بسط نفوذها ليس من ضمن النفوذ الأمريكي، ولكن كقوة دولية أخرى تحاول من خلاله لعب دور القوة الدولية التي تتدخل وتحل الإشكاليات، متوقعاً تدخلاً روسياً قوياً في النزاع اليمني عبر الطرق الدبلوماسية والسياسية وعضويتها في مجلس الأمن ونفوذها على أرض الواقع في اليمن.
بدوره؛ الباحث في العلاقات الدولية يوسف مرعي سلط الضوء على الدور الروسي في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، لافتا إلى أن روسيا أصبحت في السنوات الأخيرة واحدة من الجهات الفاعلة الرئيسية، وبدون روسيا يستحيل حل مشكلة إقليمية.
ولفت مرعي إلى أن روسيا اتخذت موقف الحياد في القضية اليمنية ومع أطراف النزاع، وظلت اتصالاتها متواصلة مع السلطة الشرعية ومع بقية الأطراف اليمنية المتصارعة، مضيفا: "التأثير الروسي وحل المشكلة اليمنية سيكون مفيداً لموسكو من عدة نواحي".
وحول استفادة الحكومة الشرعية من الحضور الروسي، أوضح مرعي إلى أن روسيا تعتمد من سياساتها على احترام القانون الدولي وتعترف بالحكومة الشرعية ولديها سفير في الرياض، لافتا إلى أن بإمكان الحكومة الشرعية الاستفادة من روسيا، خصوصا أن روسيا اليوم هي الفاعل الأبرز والمهم في المنطقة، متوقعاً أن تصبح روسيا خلال الشهور المقبلة فاعلاً حقيقياً في حل الأزمة اليمنية.