تبعد "عبس" عن منفذ الطوال أقل من 70 كلم والذي يعتبر للكثير من اليمنيين المنفذ الأقرب للملكة والعالم، كما يعتبر المنفذ الشريان الحقيقي للكثير من المدن في محافظة حجة وصعدة والحديدة وكل المحافظات المجاورة لها، لذلك كانت عبس على الدوام خياراً للكثير من اليمنيين.
ولأن عبس كانت تعتبر بعيدة نوعا ما عن الحرب في بداياتها والحاصلة في المناطق الحدودية فقد كانت هي الوجهة الحقيقية للنازحين الذين تركوا أماكنهم التي نزحوا منها واستقر بهم الحال فيها، لقد غادر تقريبًا ما يصل إلى 95% من أبناء المديريات الحدودية أو القريبة منها أماكن سكنهم من مدنٍ وقرى، والتي وصل عددها إلى أكثر إلى من ست مديريات، وكل هؤلاء كانت وجهتم الحقيقية والوحيدة هي مدينة عبس، المدينة التي احتضنت كل هؤلاء الناس منذ الحظة الأولى للحرب حتى الآن.
الأوضاع الإنسانية
لقد رحبت عبس بالكثير من النازحين وفتحت أحضانها لكل من أتى إليها، كانت وجهة الضائعين والمشردين والكادحين، وفتح أهلها بيوتهم ومساكنهم لكل من أقبل إليهم لهذه الأسباب وغيرها كانت عبس المتعاطفة مع النازحين، الحاضن الأهم، والمدينة الأكثر قبولًا للنازحين من بين مدن اليمن.
وحسب بيانات تابعة للأمم المتحدة وردت في تقريرها عام 2018م، وتجاوز عدد النازحين في اليمن أكثر من 3 ملايين ونصف المليون نازح، ما يشكل نسبة 14% من إجمالي عدد السكان في اليمن، وتوضح هذه الإحصائية حجم الصراع واتساع دائرته مع انعكاسه على الحياة اليومية لأبناء اليمن منذ خمس سنوات، وبالعودة إلى قائمة الأرقام فإن محافظة حجة التي تتبعها مديرية عبس جاءت في المرتبة الأولى من حيث عدد النازحين.
وحصل موقع "بلقيس" على تصريح لمسؤول يعمل في الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية ومواجهة الكوارث، حول عدد النازحين في المرحلة الأخيرة من منطقة بني حسن والطينة، والذي وصل إلى أكثر من 1100 أسرة خلال الثلاثة الأشهر الماضية فقط .
قبلة النزوح الأولى
الآن وبعد مرور هذه السنوات من الحرب والصراع، لا تزال عبس قبلة الكثير من النازحين، وتلت قائمة النزوح إليها مع المديريات السابقة منطقة حجور خلال الحرب الأخيرة التي حصلت بالمنطقة، ومع اتساع نطاق المساكن والمخيمات، شهدت مديرية عبس نهضة معمارية وحالة من الازدحام غير المسبوق، إضافة إلى مشاكل تترافق مع ذلك وهو عدم توفر فرص العمل، وكذلك غلاء الإيجارات بسب تدفق النازحين وتواجد المقار الأساسية للكثير من المنظمات.
فمنذ الوهلة الأولى وحتى اللحظة تظل عبس هي القبلة الوحيدة للنازحين بين كل المديريات المجاورة لها، لكونها تعبر الشريان الاقتصادي للكثير من مديريات المحافظة، ومع هذا يتخوف الكيثر من النازحين من أن يتم التعرض لمديرية عبس، كون هذا الأمر سيكون قاسيًا عليهم وسيكلفهم الكثير.
ووفقًا للبيانات التي أعلنت عنها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن حجة لو حدها تستضيف أكثر من أثنين مليون شخص، أي خٌمس النازحين اليمنيين وغالبيتهم من مناطق أخرى في المحافظة، وتضم حجة أعلى نسبة من العائلات النازحة التي تعيش في أماكن مختلفة وتتركز في مديرية عبس.
تنوع المخيمات
تتمركز في مديرية عبس الكثير من المخيمات في عدة أماكن مختلفة، فقبل الأحداث الأخيرة كان هناك أكثر من 3 مخيمات في منطقة بني حسن، ولكنهم تعرضوا للنزوح ونزحوا باتجاه مدينة عبس، يلي ذلك مخيم في منطقة الربوع، ومخيم المنجوره، ومخيمات أخرى في عبس منطقة الخديش، وهي الأخيرة التي تم استحداثها للنازحين نتيجة الأحداث الأخيرة واقتراب المواجهات من منطقة بني حسن، يلي ذلك مخيمات أخرى على الطريق الواصل بين عبس ومديرية قفل شمر، وكذلك بعض الخيام والبيوت المنتشرة على سفوح وتلال المدينة من كل الاتجاهات.
وبهذا تحتضن مديرية عبس الكثير من النازحين وتمنحهم الكثير من الآمان وحق الشعور بالانتماء للمنطقة، لا أحد يفكر بأن يترك تلك المدينة التهامية المترامية الأطراف، وتلك حالة الشعور بالانتماء والرغبة في البقاء في مدينة جعلت كل قادم إليها كأنه في منطقته أو بلاده، حيث لا تفرق بين أحد ولا ترى أنها ملك أحد، وبهذه الطريقة تضل عبس هي المدينة الإنسانية الأولى في اليمن.