يوم هزم فيه الجميع، وتبخرت أحلام اليمنيين بالديموقراطية والتعددية، وفتحت أراضي المحافظات الجنوبية للنافذين، وسُرح الآلاف من أبناء المحافظات الجنوبية من وظائفهم المدنية والعسكرية.
عُمدت الوحدة بقوة السلاح على الأرض، لكنها أوجدت شرخاً خطيراً في عمق الوحدة الوطنية، وجرح لم يسبق لليمنيين أن عايشوه من قبل، كنتيجة حتمية لسياسة مبنية على المغالطة والرغبة بالفوز بكل شيء، وتغليب منطق العنف والقوة.
وفيما يواجه اليمنيون ظروفاً بالغة التعقيد، تأتي ذكرى السابع من يوليو محفوفةً بالكثير من المواقف والتعبئات الجاهزة، فعاصمة البلاد المؤقتة عدن ومناطق الجنوب تعيش منعطفاً صعباً وتحدياً كبيراً، وفي حين يمثل الجنوب في قيادة الشرعية بمستوى عال، تتعرض القضية الجنوبية للإستغلال للذهاب بها بعيداً عن النقطة الحقيقية التي يفترض أن ترسو بها.
فهل كان 7يوليو معركةً مستحقة في وجه قوى الردة والإنفصال كما قيل حينها؟ أم أنه كان قفزاً على الشراكة والثوابت بالعنف والقوة؟
يوم أسود
الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي وصف يوم السابع من يوليو باليوم الكارثي والأسود في تاريخ اليمنيين؛ لأنه كان محصلة صراع ومحطة انتهت إليها جولة صراع لم يكن اليمنيون بحاجة إليها، بل كان اليمنيون بحاجة إلى استثمار محطة الوحدة باعتبارها المحطة العظيمة في تاريخ اليمنيين للبناء عليها.
وقال التميمي خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" مساء الأحد (7يوليو/ تموز) إنه كان يتعين على اليمنيين وقيادتهم السياسية أن يجترحوا معجزة بناء اليمن الحديث والإنتقال به إلى طور جديد عنوانه القوة والازدهار والديمقراطية والحرية والكرامة.
وبين التميمي أنه على العكس من ذلك بقيت اليمن أسيرة دولة العنف والصراع المحكومة بعقدة الاستئثار بالسلطة.
واعتبر التميمي كل يوم شهدت فيه اليمن جولة صراع بسبب السلطة سيظل يوما أسوداً في تاريخ اليمنيين، مصنفاً يومي 13 يناير و 7 يوليو بالأيام السود.
وأوضح التميمي في سياق حديثه لقناة بلقيس إلى أن الرئيس السابق علي عبدالله صالح استند إلى عقدة تفسير استئثار السلطة بناء على نفوذه الجهوي، واستنفر كل ما لديه من أوراق مثل الايدلوجيا والمناطقية وكل الإمكانيات الأخرى المتاحة له، واستنفر حتى التناقضات الإقليمية في حربه التي خاضها من أجل الاستفراد بالسلطة.
واعتبر التميمي ما حدث في حرب صيف 94 كان نتيجة أخطاء عديدة يتحمل جزء منها الحزب الاشتراكي نتيجة ذهابه إلى خيار الوحدة دون توفير الضمانات الداخلية.
ذبح الوحدة
أما الخبير العسكري والاستراتيجي العميد علي ناجي عبيد فأعتبر الوحدة اليمنية في 22 مايو منجزاً تاريخياً لليمنيين شمالاً وجنوباً، حتى جاء يوم السابع من يوليو لذبح هذا المنجز، معتبراً حرب مليشيا الحوثي على الجنوب وعدن كان نتيجة لحرب يوم 7 يوليو.
وأوضح عبيد أن من وصفهم بـ "جيش الإرهاب" بدأ منذ إعلان الوحدة بعمليات اغتيال طالت الجنوبيين وخاصة أعضاء الحزب الاشتراكي".
ووافق التميمي حديث عبيد، إذ اعتبر سلسلة العنف التي استهدفت القيادات الاشتراكية بمثابة الحلقة الثانية من حلقات التآمر على الوحدة اليمنية.
"محاولة تصفية الدولة الجنوبية من قبل نظام صالح بدأت من خلال إنهاء المقومات الاقتصادية من مصانع ومزارع ومؤسسات" يقول علي ناجي عبيد.
واعتبر ياسين التميمي أن حرب 94 كانت بالنسبة لعلي عبدالله صالح تصفية لتركة الدولة الجنوبية وتصفية شملت القوات المسلحة والأمن باعتبارها القوة الخشنة.
يذكر أنه في 22 من مايو/أيار 1990، توحّد جنوب اليمن أو ما كانت تعرف بـ (جمهورية اليمن الديمقراطية) مع الشمال(الجمهورية العربية اليمنية) بإرادة طوعية لصالح الكيان الموحد ”الجمهورية اليمنية“، قبل أن تنشب خلافات بين الطرفين أدت إلى حرب شاملة في صيف العام 1994 سقط خلالها الآلاف من القتلى، وخلّفت خسائر كبيرة على الاقتصاد والبنية التحتية.
كما تركت الحرب آثارها السياسية والنفسية على الوضع اليمني، خصوصاً مع الإقصاء الذي طال عدداً من الكوادر العسكرية والمدنية الجنوبية من نظام صالح بعد استفراده في الحكم، ومثلت الحرب أحد الأسباب التي اندلع على إثرها "الحراك الجنوبي" في عام 2007، وتطور إلى دعوات للانفصال لا تزال مستمرة إلى اليوم.