تشير المعلومات إلى وجود ما لا يقل عن 18 سجنا سريا، ويتعرض فيها المعتقلون إلى صنوف شتى من وسائل التعذيب.
أشهر هذه السجون والتي باتت توصف بأنها معتقلات للرعب ويجري تشبيهها بمعتقلي أو غريب في العراق أو جوانتانامو الأمريكي، هو سجن بئر أحمد الذي أوكلت الإمارات إدارته لقوات الحزام الأمني التابعة لها.
قصة هذا السجن تتلخص، بحسب تقرير لمنظمة سام للحقوق والحريات، في أنه كان مزرعة خاصة لمواطن يدعى "غسان العقربي"، وعينته الإمارات مديرا للسجن وحولت مجموعة من القبليين الذين ينتمون لعشيرته إلى سجانين وحراس للمعتقل الأشهر.
إستأجرت القوات الإماراتية هذه المزرعة لتحولها إلى معتقل مرعب تخفي فيه ضحاياها وتمارس الإذلال بحقهم والانتهاكات الجسيمة بعيدا عن المسائلة.
وسبق لأهالي المعتقلين ان نفذوا عدة وقفات احتجاجية أمامه لمطالبة القوات الإماراتية بالإفراج عن ذويهم أو توجيه تهم محددة لهم واحالتهم إلى النيابة.
لكن أسوأ ما يمكن ان تقدمه هذه القوات أنها تحولت إلى قفاز لممارسة الأعمال القذرة والسادية بحجة انتزاع الاعترافات من السجناء المتهمين.
أخر ما كشفته التقارير، تحقيق جديد نشرته وكالة "أسوشيتد برس"، اليوم، ليظهر تنوعا مخيفا في سائل التعذيب وعالما مخفيا من القتامة والوحشية.
يروى أحد السجناء وهو سجين احتجز دون تهم سبل التعذيب والاعتداء الجنسي من خلال رسوماته التي هربت إلى الوكالة من سجن بير أحمد في مدينة عدن.
وأوضح السجين وستة معتقلين آخرين أن العنف الجنسي هو الأداة الأساسية في إلحاق العقوبة بالمعتقلين لاستخلاص الاعترافات.
تظهر التخطيطات التي رسمت على ألواح من البلاستيك رجلا عاريا معلقا من أغلاله أثناء تعرضه لصدمات كهربائية، ونزيل آخر على الأرض محاط بكلاب فيما يقوم عدة أشخاص بركله، وتخطيطات لعملية اغتصاب.
ويكشف التقرير مثل سابقاته عالم من القذارة والوحشية والإذلال. يقول سجناء آخرون ان حراس يعملون تحت إدارة الضباط الإماراتيين يستخدمون عدة أساليب تعذيب وإذلال جنسية.
وأضافوا أنهم يغتصبون معتقلين ويلتقطون مقاطع فيديو لهم، بينما ينتهك سجناء آخرون جنسيا عن طريق الاعتداء عليهم جنسيا بواسطة قطع خشبية ومعدنية.
وقال مسؤول أمني سابق، تورط في عمليات تعذيبه لانتزاع اعترافات، لوكالة "أسوشيتد برس" إنه يتم استخدام الاغتصاب كوسيلة لإجبار المعتقلين على التعاون مع الإماراتيين في التجسس.
وأضاف "في بعض الحالات، يقومون باغتصاب المعتقل وتصويره، واستخدام الفيديو كوسيلة لإجباره على العمل معهم".
وتشير الوكالة نقلا عن مسؤولين إلى ان هذه السجون تصنع داعش عوضا عن محاربتها، لأن الانظمام إلى هذه التنظيمات أصبح وسيلة انتقام للهروب من الانتهاكات والاذلال.
منظمة سام للحقوق والحريات ومقرها جنيف، رصدت في تقارير وبيانات سابقة العديد من تلك الانتهاكات وسجلت الكثير من الوقائع وقابلت شهودا وضحايا يعانون آثارا نفسية وجسدية بالغة.
يقول أحد السجناء في شهادته للمنظمة ضمن تقرير نشرته في أبريل الماضي، تعرضنا لتعذيب شديد ونحن معصوبي الأعين ومكتوفين الأيدي بواسطة كلبشات حديدية.
ويتابع "كان يتم تعذيب جميع السجناء بدون استثناء، كنت أجلس مع أشخاص في نفس المجموعة معي وكانوا يتعرضون لتعذيب مخيف لا يتصوره عقل، تعرضنا لتعذيب بواسطة الكهرباء وبالضرب بالحديد والهراوات والعصي، كانت توضع أحجار كبيرة فوق صدور السجناء ويقوم السجان بكسرها، كانوا يضربون رؤوسنا بالأقفال الحديدية، كان التعذيب مخيفا لدرجة أن جراح بعض السجناء تعفنت وخرج الدود منها دون السماح بإسعافهم أو بتلقيهم العلاج".
وكشفت المنظمة عن إجراءات غاية في الوحشية، حيث يتم استئجار حراس من دول أفريقية، ويمارسون عمليات تعذيب من بينها إدخال آلات حادة في أدبار المعتقلين ويهددونهم بالإغتصاب.
كما أوصت المنظمة بإحالة ملف السجون الإماراتية في اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية بما يمتلك المجلس من صلاحية بموجب نظام روما، وطالبت بتقديم المتسببين في التعذيب للعدالة، وإنصاف الضحايا.
هكذا تحولت الإمارات من دولة داعمة للشرعية منذ مارس 2015م، إلى إمارة لإدارة الأعمال الوحشية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان في اليمن.
وتعد شبكة السجون التي تديرها في المحافظات الجنوبية قبل ان تكون أماكن جحيمية للتعذيب والانتهاكات، بؤر وفقاسات لتوليد الإرهاب والتطرف الذي تدعي محاربته.