مع انطلاق عاصفة الحزم تشكلت في تعز مقاومة شعبية تصدرت المشهد وأفضت الى تحرير المدينة من الانقلابيين الحوثيين الى أطراف المحافظة شمالا، وبعد نحو أربعة أعوام من التحرير لم تتعافى المدينة كما كان يتوقع أبناؤها.
صراع تعز
ثلاثة محافظين تعاقبوا على المدينة منذ تحريرها، لم يتمكنوا خلال أكثر من أربع سنوات من توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية، أو تقديم الحد الأدنى من الخدمات الأساسية للمواطنين.
الانفلات الأمني كان سيد المشهد واغتيالات بالجملة نفذت بحق عناصر الجيش والمقاومة، وصراع على النفوذ في مدينة لا تزال تحت نيران مليشيا الحوثي بصورة يومية.
الأحزاب السياسة خاضت صراعاً بينياً في تعز أدى الى إضعاف جبهة الشرعية عسكرياً ومعنوياً، وخلق انقساماً داخلياً في وسط ما يفترض أنها جبهة واحدة ضد خصم واحد.
وإزاء كل ذلك لم يكن لقيادة الشرعية أي تحركات لإخراج تعز من مشكلتها والعبور بها إلى مرحلة التحرير الكامل والاستقرار.
لم تكن الرياض وأبوظبي بعيدة عن مسرح العمليات في هذه المدينة التي تشكل قلب البلد وخزانها البشري الضخم، حضر التحالف بكثافة عبر دعم مجاميع مسلحة دعمها بسلاح يفوق سلاح الجيش.
قيادة الشرعية كانت ولا زالت آخر الفاعلين في مشهد تعز، فيما يتصدر الإنقسام الداخلي والوكلاء المحليون لدول اقليمية المشهد، تبدو هكذا مليشيا الحوثي أكثر استرخاء وهي تحاصر مدينة لم تعد هي الخصم الأول لدى أبنائها، فالأخوة الأعداء يقتلون بعضهم الآن.
عضو مؤتمر الحوار الوطني السابق فؤاد الحميري قال إن تعز منذ الانقلاب وحتى الآن غير تعز التي تأخذ اللحظة وتحاكمها وتقف أمامها، وبالتالي يجب ننظر إلى أين كانت تعز وكيف أصبحت اليوم.
وأضاف الحميري خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" مساء الخميس (18 يوليو/تموز) أن تعز في لحظة ما أفاقت على اللا دولة، لا سلطة، ولا أمن، ولا مؤسسات، ولا محافظ، لكنها استطاعت أن تمتص الصدمة مبكرا بعد الإنقلاب وعادت فيها مؤسسات الدولة وممارسة الأحزاب لدورها.
واعتبر الحميري تعز قطاع منفصل من قبل من يحاصرها (مليشيا الحوثي)، إذ تتعامل معها المليشيا باستثنائية، وعند التفاوض عن أي شيء تعز قطاع منفصل، وبالتالي أصبح الوضع بتعز معقد من قبل من يعتدي على المدينة.
دور الإصلاح
وأردف الحميري بأن تعز ايضا قطاع منفصل بنظرة الشرعية إليها، فتعامل الشرعية مع تعز لا يرتقي لمستوى اللحظة ولا لمستوى المدينة وما تقدمه.
هذا المشهد المعقد وهذه النظرة الاستثنائية للمدينة من قبل من يعتدي عليها، ومن قبل من يفترض أن يدافع عنها-بنظر الحميري- جعل المشهد معقد يتداخل معه ما نشأ وطرأ من صراعات حزبية، مما زاد الوضع تعقيداً.
وبشأن ما يقال بأن حزب الإصلاح يقف عائقا أمام استكمال تحرير المدينة، اعتبر الحميري ما يقال بأنه ربما صدر أو صرح به بعض المسئولين، جاعلاً هذا التصريح عن بعض أطراف التحالف بأنها لا تريد أن تدعم تحرير المدينة لكون وجود الإصلاح فيها قوياً، وهي لا تريد أن تدعم مدينة ينتصر فيها الإصلاح، معتبراً هذا الكلام كواليس ولا واقع له، لأن الإصلاح حزب من ضمن الأحزاب.
ومن جهته؛ قال رئيس دائرة الفكر والثقافة والإعلام باشتراكي تعز فهمي محمد أن مشكلة تعز في الوقت الراهن مشكلة متعددة وذات أبعاد مختلفة، مضيفا أن مشكلة تعز بشكل عام تتعلق بصراع سياسي، وبقوى داخل المكونات السياسية، والفساد المالي المتعلق ببعض الموارد، بالإضافة إلى وجود منظومة سابقة من الفساد، مردفا أن مشكلة تعز معقدة لعدة حسابات وأجندات.
وحول دور الأحزاب السياسية فيما يدور بتعز، قال محمد إن الأحزاب تتحمل مسئولية ما يدور في المدينة لأن دورها تراجع على مستوى التحالف السياسي ولم تتخذ موقف على مجمل المشاكل بشكل عام.
وفيما يتعلق بمسألة الإصلاح، أوضح محمد إلى أن الإصلاح يضع في خانة الاتهام أو المسؤول رقم واحد على اعتبار أن الإصلاح هو الحاضر الأكبر في تعز والمسيطر إلى حد ما على المفاصل العسكرية والمدنية وأقسام الشرطة، وبالتالي يكاد يكون هو المعني فيما يجري والمسؤول الأول.
"الأحزاب السياسية جزءاً من المشكلة الحاصلة في تعز والحاصلة بالبلد بشكل عام" يقول فؤاد الحميري.
وعن دور التحالف فيما يحدث بتعز، قال الحميري إن هناك إشكالية كبيرة يجنب أن تعالج في مسألة علاقة الشرعية بالتحالف، موضحا أن هناك اشكالات كبيرة ربما تكون سبب رئيس من أسباب عرقلة التحرير في البلاد، وهي عدم وضوح طبيعة العلاقة بين الشرعية وبين التحالف.