وفق أقارب نادر، وفي حديث خاص لموقع "بلقيس" فقد بدأت القصة، حين قدم زميل له بالكليلة عزومه غداء في أحد المطاعم بمنطقة حدة - جنوب العاصمة صنعاء - وتفاجئ بعد خروجه من المطعم بطقم عليه مسلحين حوثيين، اقتادوه بالقوة إلى قسم شرطة بنفس المنطقة، وتعرض هناك للضرب المبرح دون أي مقدمات ولا معرفة الأسباب، حتى أن أصوات استغاثته كانت تصل للخارج حسب ما أفاد شهود للأسرة.
بعد أيام قليلة وتحديداً بتاريخ 19/ يونيو/ حزيران 2016م، تم نقله إلى قسم شرطة "النصر" بمنطقة سعوان، وتعرض هناك للاعتداء والضرب أشد مما كان عليه الأمر من قبل، واستمر احتجازه لأكثر من أسبوع، تزامن ذلك مع مداهمة لمنزله من قبل مسلحين حوثيين، وترويع أسرته، ومصادرة مقتنياته الشخصية، والعبث بمحتويات غرفته.
إخفاء قسري
بعد وصوله إلى سجن الوحدة (البحث الجنائي) بتاريخ 12 يوليو/ تموز 2016م، استمر فيه حتى 28 ديسمبر/ كانون أول 2016م، ومن بعدها تم نقله إلى جهة مجهولة، فتم إخفاؤه تماماً لعدة شهور وسط متابعة حثيثة من أسرته وزملاء مقربين له، وباءت كل محاولاتهم بالفشل.
لم تستسلم الأسرة للتعنت الحوثي، وظلت في متابعة مستمرة بحثاً عن ولدها المخطوف والمغيب، وأثناء البحث المستمر انتزعت الأسرة توجيهات من النائب العام بصنعاء موجه لأغلب الجهات المعنية للكشف عن مصيره، إلا أنها كانت تلقى صدوداً وعدم اكتراث، وكانت التوجيهات أشبه بشفرة عبث ومحاولة لفتح باب اليأس لدى الأسرة عبر البحث الذي لا يوصل إلى أي نتيجة.!
وأثناء البحث تواصل مع الأسرة شخص – رفض الكشف عن اسمه - اعتقله الحوثيون وسجنوه في سجن البحث الجنائي بصنعاء، فأبلغ الأسرة بأن نادر كان معه في سجن البحث الجنائي، وهو بحالة نفسية سيئة، حيث لم يعد يعرف أحداً من حوله بسبب التعذيب النفسي والجسدي الذي تعرض له، فقد اتهمته ميليشيا الحوثي بالتخابر مع منظمات خارجية، حسب ما كان يقال له أثناء جلسات التحقيق الطويلة، وتم نقله بعدها لسجن الأمن السياسي.
تعنت ورفض إطلاق سراحه
رفضت ميليشيا الحوثي إطلاق سراحه؛ رغم صدور توجيهات قضائية توجه بإطلاقه، ومن أبرز التوجيهات القضائية والأمنية الصريحة، وقابلتها ميليشيا الحوثي بالتجاهل والتعنت مجموعة من التوجيهات:
الأول، توجيه وكيل نيابة شمال الأمانة رقم (995) بتاريخ 6 ديسمبر/ كانون أول 2016م. وتوجيه ثاني، رقم (17) بتاريخ 13 يناير/ كانون ثاني 2017م. وكذلك توجيه ثالث، من وزير داخلية ميليشيا الحوثي بإطلاق سراحه فوراً، وتوجيه رابع، من اللجنة البرلمانية بمجلس نواب ميليشيا الحوثي، المكلفة بدراسة أوضاع السجون والسجناء في أمانة العاصمة بتاريخ 16 أغسطس/ آب 2017م، وكل المحاولات بائت بالفشل.!
من خلف الأسلاك
في حديث خاص لموقع "بلقيس" تحدثت الدكتورة سامية عبدالمجيد الأغبري، وهي عضو هيئة التدريس بكلية الإعلام بجامعة صنعاء قالت: بتاريخ 12 يونيو/ حزيران 2019م، رتبت زيارة لـ نادر الصلاحي في معتقل الأمن السياسي بصنعاء مع طالبة ترافقني في قسم الدراسات العليا، ورفض الحوثيون دخولنا بحجة أننا لسنا من أقربائه، وبعد جهد كبير واستعطاف بأنني أستاذته في الجامعة سمحوا لي فقط بمقابلته ومن وراء الأسلاك المكونة من حوالي ثلاثة حواجز حديدية ضخمة.
وتضيف الأغبري، تجاوزت البوابة باتجاه سياجات الأسلاك وحين قابلته ورغم أنه يفصلنا سياجات قال لي والفرح يغمره كطفل صغير: زيارتك لي أعاد لي الحياة بعد غياب طويل، وأخبرني بأنه عانا طول فتره اعتقاله، وقاسى من التعذيب ومن السجن.
وقال لي بحسرة أيضاً: أريد أن تكلمي عميد ودكاترة كلية الإعلام لو يمتحنوني بالسجن، لأن كل زملائي في نفس الدفعة قد أكملوا الدراسة، ولا أريد أن يذهب مستقبلي هدراً.
طمأنته، بأن أحمل رسالة إلى كل زملائه كي يعملوا وقفات تضامنية احتجاجية لإيصال قضيته إلى أوسع مدى، فقد قضى ما يقارب أربع سنوات خلف القضبان بلا تهمة واضحة، ولا أنسى كلماته التي خنقتني وهو يقول: تعبت دون أمل، متى سأخرج من هذا الكابوس، متى سأحتضن أبي وأمي".!!
تبرئة ومواصلة الاختطاف
سبق للمحكمة التابعة للحوثيين أن برأته من التهم الموجهة إليه، ومع ذلك لم يتمكن من الخروج من السجن، وسبب عدم الإفراج عنه حجة واهية تقضي بأن يحدد الجهة التي يعمل معها والحزب الذي ينتمي إليه، مع تأكيده أنه لا يعمل لصالح أي جهة ولا ينتمي لأي فصيل سياسي، ولكنهم يصرون على أن يحدد الجهة التي عمل معها، كشرط للإفراج عنه حسب كلامه، والذي أيضاً أكد فيه أنه تعرض للتعذيب طويلاً، وكانت تمر عليه أيام لا يعرف من هم حوله من التعب، وقام الحوثيون لمرات بإعطائه أدوية خاصة بالمرضى النفسيين، وكانت تزيد من معاناته وتضاعف لديه التعب والإرهاق.