في الأسبوع الماضي، كشفت وثيقة عن عرض قدمته إلى شركة "هوتا للأعمال البحرية المحدودة"، يتضمن طلب تصميم فني ومالي لتنفيذ ميناء لتصدير النفط. في محافظة المهرة.
وجاءت هذه الخطوة ضمن سياق إجراءات عدة، قامت بها السعودية خلال الأشهر الماضية في المحافظة لتعزيز نفوذها العسكري والسياسي.
يرى المحلل السياسي، ياسين التميمي، ان السعودية قطعت شوطا مهما في مخطط الاستحواذ على المزايا السياسية لموقع المهرة.
الأخطر من هذا، يقول التميمي لموقع "قناة بلقيس" انها استحوذت على قرار السلطة المحلية "بمباركة كاملة من الرئيس هادي الذي غطى على موقف كهذا بالدعاية للتدخل العسكري السعودي وتضحيات المملكة في معركة دعم الشرعية التي نراها معركة لتقويض نفوذ الدول اليمنية وسيادتها".
ويضيف إنه "من الواضح أن المساعي السعودية لإحكام القبضة العسكرية تهدف إلى احتواء النفوذ العماني وتحييد الدور الذي تلعبه السلطنة على الساحة اليمنية وهذا يمنحها المجال لفرض مخطط قضم الأرض الذي اعتادت عليه طيلة الفترة الماضية".
لكنه، يرى بأن الرهان لا يزال معقودا على القوى الوطنية في المهرة التي تمتلك كافة الإمكانيات لتقويض المشروع التوسعي الواضح للمملكة في جنوب شرق اليمن.
يبدو من سوء حظ السعودية ان إجراءاتها التوسعية في المحافظة قوبلت بحركة احتجاج قبلية وجماهيرية سريعة، أجبرتها على توقيع اتفاق مؤخرا للانسحاب من بعض المواقع الحيوية.
وإن عادت القوات السعودية لخرق الاتفاق، فإن من سوء حظها أيضا ان مطامعها القديمة تأتي في ظل أوضاع جيوسياسية مختلفة عن الصورة التي أرادتها المملكة.
تهديدات إيران المستمرة بإغلاق مضيق هرمز، وهو المضيق الذي تمر من خلاله ناقلات النفط الخليجية إلى أسواق العالم، دفعت السعودية إلى التفكير بطريق تجاري بديل.
لم تخف السعودية رغبتها في الوصول إلى بحر العرب كبديل لمضيق هرمز إلا أن التحولات السياسية في اليمن كانت تحول دون فرض هيمنتها بشكل كلي على البلد.
ربما رأت السعودية ان الفرصة سانحة الآن لتنفيذ مطامعها القديمة استغلالا لظروف الحرب التي تقودها بصورة متواطئة، إلا ان ذراع إيران كانت أسبق وأضحت تهديداتها محل تطبيق على كل المستويات.
في الحدود الجنوبية، يخوض الجيش السعودي معركة غير متكافئة مع عصابات الحوثي. لكنها مكلفة للغاية، وقد أحصت مصادر إعلامية مقتل 50 جنديا خلال ثلاثة أشهر فقط من العام الماضي.
وبشكل أسبوعي، تنهال الصواريخ الباليستية على مدن المملكة خاصة الجنوبية منها. أثبتت مضادات الباتريوت عدم فعاليتها في كل الوقت للتصدي لهذه الهجمات المستمرة.
أما تهديدات الملاحة الدولية، فهي أدهى وأمر. الطريق البديل الذي أرادت السعودية ان تسلكه لتسويق ناقلاتها النفطية إلى العالم، بات غير آمنا بالمرة.
في نهاية الشهر الماضي، أعلن وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، ان بلاده قررت تعليق كل شحنات النفط عبر مضيق باب المندب بأثر فوري، عقب تعرض ناقلتي نفط سعوديتين لقصف صاروخي من قبل مليشيا الحوثي في باب المندب بالبحر الأحمر.
وقال الفالح ان شركة أرامكو علقت بشكل فوري إرسال جميع شحنات النفط الخام عبر مضيق باب المندب إلى أن تصبح الملاحة عبر المضيق آمنة.
لم تكن هذه، هي المرة الأولى التي تستهدف فيها مليشيا الحوثي ناقلات النفط في البحر الأحمر والمضيق الاستراتيجي: باب المندب.
وبحسب بيانات التحالف الذي تقوده السعودية، فقد أحبطت قواته هجمات سابقة في البحر الأحمر في أبريل ومايو الماضيين.
وفي 29 يوليو 2017م، أعلنت مليشيا الحوثي أنها استهدفت بارجة عسكرية إماراتية قبالة سواحل المخا، مؤكدة إصابتها بسلاح مناسب أثناء قدومها من ميناء عصب وعلى متنها عتاد عسكري.
كما أعلنت البحرية الأمريكية في أكتوبر 2016م، بأن صاروخين أطلقا من مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين باتجاه سفينة حربية أمريكية كانت على بعد 22 كيلومترا من السواحل اليمنية في المياه الدولية الواقعة في أقصى جنوب البحر الأحمر وشمال مضيق باب المندب.
وبحسب الناطق العسكري الأمريكي جيف ديفيس، فإن الصاروخين اللذين أطلقا باتجاه السفينة الحربية "يو أس أس ماسون" من منطقة تخضع للحوثيين سقطا في الماء ولم يصيبا هدفهما.
تطرح هذه التهديدات، المخاطر الجديدة التي تهدد الملاحة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
علاوة على ذلك، تواجه مطامع السعودية في التوسع بمحافظة المهرة ، حركة يقظة من الاحتجاجات القبلية والمدنية، رغم تواطؤ السلطة المحلية.
وأفادت مصادر إعلامية، بأن عدد من سكان مديرية سيحوت بالمحافظة أوقفوا خلال الأيام الماضية بناء أربعة مواقع عسكرية متفرقة، كان يعمل على تجهيزها أحد المقاولين لصالح القوات السعودية.
وفي وقت سابق، تحدثت المصادر عن نية السعودية القيام بعمليات إنشائية بالمحافظة على حدود سلطنة عمان لمد أنبوب لنقل النفط وأنشأت ثكنات عسكرية خاصة بجنودها داخل معسكرات يمنية في تلك المناطق.
وكانت قوات سعودية قد وصلت إلى محافظة المهرة نهاية 2017، ومنعت حركة الملاحة والصيد في ميناء نشطون ، كما حولت مطار الغيضة الدولي إلى ثكنة عسكرية ومنعت الرحلات المدنية من الوصول إليه.
وتحدثت مصادر محلية بأن هناك اجراءات سعودية متسارعة لاستكمال إنشاء خط أنبوب نفطي يمتد من حدودها إلى المهرة.
وأكدت المصادر، ان زيارة السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر مؤخرا للمهرة، كان لهذا الغرض، وسط حرص شديد على استكمال انجاز مشروع الأنبوب النفطي.
وشهدت المحافظة منذ أبريل الماضي اعتصامات سلمية للمطالبة بخروج القوات السعودية والإماراتية من المهرة، وتسليم منفذي شحن وصيرفت وميناء نشطون ومطار الغيضة الدولي للقوات المحلية، والحفاظ على السيادة الوطنية.