رغم جولاته العديدة في المنطقة لجمع الأطراف اليمنية على طاولة جنيف مجددا، اهتدى أخيرا للحل السحري والذي قال إنه يسعى للحصول عليه: تشكيل حكومة وحدة وطنية ومن ثم وضع ترتيبات أمنية لانسحاب جميع المجموعات المسلحة ونزع سلاحها.
ومع اقتراب الموعد المرتقب في 6 سبتمبر المقبل، لا تلوح في الأفق أية بوادر مشجعة للنجاح، إذ استقبلت مختلف الأطراف هذه الجهود المتواضعة لمارتن بتصريحات فاترة جدا.
السفير الأمريكي لدى اليمن ما ثيو تولر، ابتعد عن التصريحات الدبلوماسية، وأبدى توقعه في مؤتمر صحفي في القاهرة بأن تكون النتائج متواضعة للغاية.
وسبقته إلى ذلك توقعات الحكومة اليمنية التي تؤكد مرارا بأن مليشيا الحوثي ليست جادة في عملية السلام.
وزير الخارجية، خالد اليماني، خاطب المبعوث الأممي قبل أيام بأنه سيأتي يوم ويتوصل إلى قناعته الشخصية بأن هذا المليشيا لا يمكن الوصول معها إلى سلام.
ولا تبدي الحكومة اليمنية أي تفاؤل بتحقيق نتائج ايجابية في المشاورات القادمة. غير أنها تؤكد استعدادها للسير في كامل الطريق استجابة للنداءات المتكررة للأمم المتحدة.
كما تواجه الحكومة ضغوطا للمشاركة في المحادثات وتقديم تنازلات كبيرة، لذلك ما انفكت تردد بأن أي مشاورات سلام تتجاوز المرجعيات الثلاث لن يكتب لها النجاح.
وشكك سفير اليمن لدى سويسرا علي مجور بنجاح هذه المحادثات، وقال أنها ستكون صعبة للغاية وأن فرص نجاحها ضئيلة.
لا تتوقف خيبة الأمل على هذه الأطراف فقط، فالمبعوث الأممي، يدرك مهمته الصعبة في جنيف، ويعتبرها مجرد مشاورات أولية يعقبها محادثات رسمية.
يقول ان المحادثات هي عملية رسمية بين الفرقاء وجها لوجه تهدف إلى التوصل إلى تسوية، مؤكدا أنه عندما ننهي المشاورات، سنكون مستعدين للانتقال إلى المحادثات.
يوم السبت الماضي، تحدث غريفيث للشرق الأوسط عن قضايا كثيرة هامة. لكن أسوأ ما قاله ان الأمم المتحدة لن تفرض أي حل على اليمنيين وأنها ضد إدانة أي طرف.
واعتبر ان ليس من مهمته إدانة أي طرف مع ان قرار مجلس الأمن 2216 أدان الحوثيين بشكل واضح.
من الواضح ان المشاورات القادمة ستعالج مسائل متصلة بإجراءات بناء الثقة، وإطلاق سراح المعتقلين، وتسهيل وصول الإغاثة إلى المناطق المتضررة.
هذه القضايا، سبق ان طرحت في أول مشاورات عقدت في جنيف منتصف العام 2015م، ولم يتحقق منها أي إجراء لبناء الثقة.
عوضا عن ذلك، يقدم مارتن غريفيث فلسفة جديدة لمهمته. يقول "علينا أن نعيش مع أشخاص لا نحبهم. هذا يعني أننا بحاجة إلى التوقف عن إدانتهم".
ويؤكد بصريح العبارة ان من حق أي طرف في اليمن فرض سياسة الأمر الواقع، في الوقت الذي يساوي فيه بين مليشيا انقلابية وحكومة شرعية.
وفيما تركيزه ينصب على الحل السياسي قبل الترتيبات الأمنية، وهو مثل الذي يضع العربة قبل الحصان للوصول حتما إلى نتائج فاشلة.
يرى أيضا ان الحكومة الجديدة التي ستنبثق عن المحادثات القادمة سيكون لها الحق الحصري في استخدام القوة العسكرية.
في الواقع، هناك متاهة يجري تكريسها من قبل الأمم المتحدة، ولا تؤشر أي من إجراءاتها لبناء الثقة والدخول في مفاوضات جادة للسلام.