بارقة أمل
بحثت مرسيل - خريجة دبلوم عالي - عن فرصة عمل تعيش منها، وتساعد خالها التربوي الذي انقطع راتبه من سنوات، دون جدوى حتى بدأت تصاب باليأس، لكن بارقة أمل لاحت في الأفق عندما أوصلتها الصدف إلى مخبز الأنامل الذهبية الذي يعمل على تشغيل وتدريب النساء اللاتي بحاجة للدعم .. كما تؤكد لـ " بلقيس ".
مرسيل واحدة من 23 امرأة من النازحات واليتيمات والأسر الفقيرة يعملن في المخبز في الوقت الراهن، ويوفر لهن فرصة عمل لمساعدة أسرهن في توفير الاحتياجات الأساسية.
تقول مريم عساف مديرة المخبز أن المخبز لا يوفر فرص عمل للنساء اللاتي تنتمي إلى اسر بحاجة للدعم والمساندة فقط، وإنما ينظم دورات تدريبية لنساء أخريات، البعض منهن تمكن من تأسيس مشروعهن الخاص .
وتوضح عساف لـ " بلقيس " أن مؤسسة غراس الواحة للتنمية المجتمعية والإستشارات تبنت مشروع المخبز للمساهمة في التمكين الاقتصادي للمرأة ومساندتها في الاعتماد على نفسها والمشاركة في إعانة الأسرة .
الأنامل الذهبية مبادرة اجتماعية فريدة من نوعها تأسست بجهود فردية ولم تعتمد على دعم أي جهة سواء في العمل أو في عملية التدريب والتأهيل ، وجسدت مبدأ التكافل الاجتماعي ، باستهداف شريحة اجتماعية هامة ، في وقت طال انعدام الأمن الغذائي 80% من سكان اليمن ، وتمر البلاد بأصعب مراحلها.
فوزية خريجة علم اجتماع نزحت من محافظة تعز ايضاً منذ بدء اندلاع المواجهات بين المقاومة وجماعة الحوثي ، وبحثت كثيراً عن فرصة عمل ، فقصر طولها الشديد كان عائقاً إضافياً لحصولها على أي أمل بالتوظيف، لكنها الآن صارت تمتلك مهارات إعداد كافة الحلويات والمعجنات، بعد أن التحقت بالعمل بالمخبز منذ منتصف العام الماضي ، وتستطيع أن تفتتح مشغلاً خاصاً بها إذا توفرت لها الإمكانيات المادية ورأس المال .. بحسب ما تؤكده لـ " بلقيس ".
وتوضح أنها تشعر بسعادة لأنها تستطيع أن تساعد أسرتها في تكاليف احتياجات المنزل ، ولحصولها على فرصة عمل في وقت فقد الكثير من الناس أعمالهم .
وعلى الرغم من أن مرسيل أمينة مخازن، إلا أنها تعلمت الكثير من الخبرات حول إعداد الحلويات والمعجنات، ولا تشكو من ضعف الراتب لأنها على الأقل تستطيع أن تعتمد على نفسها وتساعد خالها في إيجار المنزل .. كما توضح مرسيل، التي تؤكد أن العمل وحده يخفف عنها مرارة النزوح والبعد عن الأهل.
استثمارات متميزة
يهدف مشروع الأنامل الذهبية على إكساب المرأة وخاصة فئات النازحات واليتيمات وأمهات الأيتام مهارات وخبرات تفيدها في الحياة وتحقق لها الاكتفاء الذاتي ، وليس لتحويل المجتمع إلى أعضاء خاملين ينتظرون ما تقدمه له المنظمات والمؤسسات الخيرية من هبات توسع دائرة التسول .. كما تشير عساف.
يقدم المخبز كافة الحلويات والمعجنات بأشكال راقية ومتميزة ، ويقوم بتجهيز طلبيات الأعراس ووجبات للدورات التدريبية، مع خدمة توصيل الطلبات ، كما تم افتتاح محلين في شارع تعز للبيع المباشر ، وشارك المخبز في العديد من البازارات للترويج لمنتجاته.
تؤكد عساف أن الاستثمار في المخابز وصناعة المأكولات يعد من أفضل المشاريع الاستثمارية، وتطمح إلى توسيع مشروعها لتوظيف اكبر عدد من العاملات ، وتحسين أوضاعهن يشكل أفضل .. وتعلن استعدادها لمشاركة النساء اللاتي يمتلكن رأس المال.
العمل في المخابز التجارية ظل حكراً على الرجل وحده، بحكم طبيعة المجتمع اليمني وتقاليده، إلا أن المرأة اليمنية استطاعت اختراق هذا المجال ومجالات أخرى، كتعليم قيادة السيارات، والعمل نادلة في مطاعم، بل وصل الحال ببعض النساء للعمل في مجال ديكور وطلاء المنازل بعد أن اكتسبن المهنة من والدهن الخمسيني.