في اليمن، بدت مسألة الحرب على الإرهاب جزءا من مهام التحالف العربي العسكرية لإنقاذ البلد من الاقتتال الطائفي الذي دشنته مليشيا الحوثيين وحليفهم صالح بالانقلاب واجتياح المدن، لكن مع مرور الوقت سرعان ما انحرفت البوصلة بعيدا عن دعم مؤسسات الدولة اليمنية باتجاه بناء تشكيلات عسكرية تضم آلاف الجنود، عهد إليها مهام محاربة القاعدة وداعش.
أحرزت هذه القوات التي أطلق عليها النخبة في حضرموت وشبوة والحزام الأمني في عدن والمحافظات المجاورة، نجاحات محدودة في إطار مكافحة الإرهاب، تمثلت في القبض على مشتبهين بالإرهاب وتنفيذ حملات مداهمة وطرد عناصر إرهابية من بعض المناطق، غير أن هذه الإجراءات، بحسب مراقبين، لا يزال يكتنفها الكثير من الغموض، وقد لا تفضي بالضرورة إلى هزيمة الإرهاب على المدى المتوسط والبعيد، خاصة في ضوء التوظيف السياسي للحرب، لتصفية خصوم سياسيين وغياب المحاكمات العادلة والتجاوزات التي طالت مدنيين وشخصيات معروفة باعتدالها.
ناهيك أن بعض قادة هذه التشكيلات الأمنية التي شكلها التحالف متطرفة فكرياً وقادمة من نفس الخلفية الفكرية للقاعدة وداعش، حيث تعتبر الانتخابات والتعددية السياسية والديمقراطية كفراً يستوجب الحرب عليه.
من الواضح أن مسألة الحرب على الإرهاب في اليمن، تحتلُ أولوية لدى صانع القرار الدولي، في ظل استمرار الحديث عن تعاظم التهديدات القادمة من هذا البلد الذي تتناوشه أزمات عدة، ولذلك، يتبارى مختلف الفاعلين المحليين والإقليميين لإثبات جديتهم في مكافحة الإرهاب استجلاباً للدعم الغربي والأمريكي تحديداً.
في أبريل 2016، أعلنت الإمارات انطلاق عملية برية تشارك فيها قوات الجيش اليمني لطرد عناصر القاعدة من المكلا عاصمة المحافظة، وفي وقت لاحق شنت قوات أمريكية إماراتية مشتركة هجوما جويا وبريا على منطقة يكلأ في رداع البيضاء، في إطار عملية أطلق عليها أسود البحر، أسفرت عن سقوط عشرات المدنيين بينهم أطفال ونساء وانتقدتها وسائل الإعلام الدولية ومجموعات حقوق الإنسان.
ومع حلول العام الجاري أعلن في حضرموت انطلاق عملية الفيصل لمطاردة عناصر القاعدة في وادي المسيني، بإسناد من التحالف العربي بقيادة السعودية.
في السياق نفسه، استمرت الولايات المتحدة الأمريكية في شن هجمات بطائرات دون طيار نجحت في قتل قيادات كبيرة في التنظيم، لكن خبراء لجنة العقوبات الأممية لم يخفوا في آخر تقرير، انتقادهم لهذه الهجمات، لدورها في خلق ذرائع لدى الشباب للالتحاق بصفوف الجماعات المتشددة.
وصول الرئيس الجمهوري ترمب إلى البيت الأبيض وتصاعد وتيرة التنسيق الدولي في مكافحة الإرهاب واشتداد وطأة الثورات المضادة، تطورات ألقت بظلالها على حرب الإرهاب في اليمن، حيث أدرجت الخزانة الأمريكية وتبعتها عدد من دول التحالف عددا من الأفراد والكيانات اليمنية في قوائم تمويل الإرهاب، طالت شخصيات محسوبة على الحكومة الشرعية، وأخرى ذات نشاط ديني واجتماعي، فيما بات معظم الساسة الخليجيين وإعلامهم الرسمي لا يتورعون عن توزيع تهم الإرهاب على حركات الإصلاح السياسي والمقاومة تارة وحركات التغيير والثورات العربية تارةً أخرى.