تقرير حقوقي جديد كشف الستار عن فضيحة تجنيد آلاف اليمنيين للدفاع عن الحدود السعودية في مناطق البقع وكتاف وغيرهما.
التقرير الذي أصدرته منظمة "سام" وحمل عنوان "محرقة الحدود" كشف أنه لا كيان رسمياً يمنياً أو سعودياً يقاتل تحته هؤلاء الجنود، غير أن الدور الرسمي يظهر في تسهيل دخول هؤلاء المقاتلين عبر سماسرة من الطرفين تحت لافتة حماية الحدود السعودية من المقاتلين الحوثيين.
لا مفر من الموت
آلاف من قتلى محرقة الحدود دُفنوا في مقابر داخل المملكة العربية السعودية، مقابل أن يتم تحويل مبلغ مالي لأسرهم، والعديد من الضحايا تُترك جثثهم للحيوانات البرية.
المئات من المجندين الذين نجوا من القتل في الحدود وضعوا في سجون تابعة لمليشيا الحوثي، لكن لا أحد يفر من الموت في هذه الحرب، فقد تتبعت طائرات التحالف أجسادهم المرهقة وقتلت ما يزيد عن مائة أسير في سجن بكلية المجتمع في ذمار رغم أنه موثق لدى الهيئة الدولية للصليب الأحمر.
يحيق الموت باليمني من كل مكان، بعد أن أصبحت مليشيا الحوثي والتحالف كمن يخوض سباقاً على قتل الكم الأكبر من اليمنيين، ليس فقط من المدنيين؛ بل حتى من قوات الجيش التي تتعرض لاستهداف ممنهج من قبل الطرفين أيضا.
ليبقى السؤال: هل ما يحدث هو تكامل بين التحالف والحوثي في قتل اليمنيين؟
معركة السعودية
الكاتب والباحث عادل دشيلة وصف دعوة قائد مقاومة تعز الشيخ حمود المخلافي بسحب المقاتلين من الحدود السعودية والعودة لمحافظة تعز لاستكمال تحريرها من مليشيا الحوثي بالموفقة، لافتا إلى أنه يتم الزج بأبناء القبائل والفقراء إلى محارق الموت في جبال صعدة دفاعاً عن السعودية.
وأضاف دشيلة خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" مساء أمس، إلى أن هذه المعركة (حرب السعودية والحوثي) لا تخص الشعب اليمني بل تخص الجانب السعودي، مفضلا انسحاب المقاتلين اليمنيين من الحدود السعودية حفاظا على أرواحهم كون المعركة لا تعنيهم.
وأضاف: "إذا كان التحالف جادا وصادقا في إنهاء الحوثي فعليه أن يوجه الألوية العسكرية إلى العاصمة صنعاء وسحق المليشيات الانقلابية داخلها وليس الزج بأبناء القبائل في بطون الأودية وجبال صعدة".
وفيما إذا كان هناك تنسيق في عملية استقطاب هؤلاء المقاتلين، أوضح دشيلة إلى أن الحكومة ليس بيدها القرار، مضيفا أن اللجنة الخاصة السعودية تتعامل مع شيوخ قبائل وسماسرة يستغلون فقر الناس ويقومون بتجميع هؤلاء الشباب خارج إطار الشرعية ووزارة الدفاع اليمنية ومن ثم الزج بهم إلى محارق الموت.
وفيما إذا كان هناك تنسيق في عملية استقطاب هؤلاء المقاتلين، أوضح دشيلة إلى أن الحكومة ليس بيدها القرار، مضيفا أن اللجنة الخاصة السعودية تتعامل مع شيوخ قبائل وسماسرة يستغلون فقر الناس ويقومون بتجميع هؤلاء الشباب خارج إطار الشرعية ووزارة الدفاع اليمنية ومن ثم الزج بهم إلى محارق الموت.
غياب التنسيق
المحامي عمر الحميري قال إن الآلاف من المجندين الشباب وصغار السن يذهبون إلى الحدود السعودية بدون تنسيق مع الجهات الرسمية الحكومية وبدون برتوكولات أو اتفاقيات كما هو متعارف عليه في هذه الأمور العسكرية بين الدول.
وأردف الحميري إلى أنه يتم استقطاب الشباب عبر إغراءهم بالمال نظرا لحالتهم الاقتصادية والزج بهم في معارك ومحرقة حقيقية من غير تدريب أو تأهيل.
ومعظم هؤلاء الشباب- بحسب الحميري - لم يستخدموا السلاح من قبل وغير مؤهلين لخوض معارك، بالإضافة إلى أن هناك نوع من التشجيع لاستقطاب جميع الفئات العمرية بدءا من صغار السن إلى هذه المعارك.
وحول التوصيف القانوني لذهاب هؤلاء الشباب، أوضح الحميري إلى أن هناك توفر للكثير من أركان وصف المرتزق ولكنها ليست متوفرة بالكامل، لكنه يمكن القول أن الهدف الأساسي من استجلاب هؤلاء الأشخاص واستخدامهم في المعارك مقابل المال، وبالتالي الأركان الرئيسية للارتزاق موجودة.
دشيلة عاد ليقول بأن السعودية وهي تستجلب الأطفال اليمنيين للقتال على حدودها تقوم بجرائم ضد الأطفال وضد حقوق الأطفال من خلال استغلالهم في معارك جانبية وحرب عبثية، مشيرا إلى أن جماعة الحوثي والسعودية يتشاركان في قتل الأطفال في ظل عدم وجود رقابة من قبل الدولة وتورطها مع النظام السعودي في قتل الأبرياء.
ولفت دشيلة إلى أن: "التحالف ينتهج سياسية الاستنزاف من خلال إدخال جميع الأطراف في حرب عبثية من أجل تنفيذ السيناريو الذي قد وضع منذ وقت مبكر في أماكن صنع القرار السعودي والإماراتي لتفكيك البلد".
الراصد والناشط الحقوقي ياسر المليكي قال إن التقارير الحقوقية تلعب دورا مهما في توصيل رسائل مهمة لأطراف النزاع حول ما يرتكبونه من جرائم وانتهاكات بحق المدنيين أو بجرائم الحرب التي توجه ضد الأطراف المسلحة.
وأشار المليكي إلى أن قيمة هذه التقارير يعود إلى أنها "تحفظ ذاكرة الأجيال من أي انحراف ومن أي تضييع لهذه الجرائم، بالإضافة إلى أن صوتها يصل إلى صناع القرار الفاعلين في الملف اليمني، والأهم من ذلك إلى أن هذه التقارير تفضح وتعري كافة الأطراف الذين ارتكبوا جرائم حرب وتكشفهم أمام مؤيديهم وأمام المجتمع الدولي أخلاقياً".