جبايات مالية
ضاق إلياس والعاملون بمحلات الصرافة بصنعاء ذرعاً من نهب العملات الجديدة والإجراءات المتناقضة والالتزامات المالية الكبيرة المفروضة على شركات ومحلات الصرافة من مركزين ماليين بصنعاء وعدن مما دفع جمعية الصرافين اليمنيين إلى إعلان الإضراب في كافة المحافظات.
ووصلت المبالغ المالية التي فرضها البنكان على شركات ومحلات الصرافة إلى 30 مليون ريال كتأمين للشركات و13 مليون ريال ضرائب ، فيما فُرضت 13 مليون ريال تأمين على محلات الصرافة و3 مليون ريال ضرائب بالإضافة إلى الرسوم المتواصلة وعمليات الابتزاز" بحسب ما يؤكد إلياس محمد لـ " بلقيس ".
ويقول أن كثير من القيود كبلت العمل المصرفي وأدت إلى تدخلات غير مقبولة تمثلت بربط النظام المحاسبي بالبنك المركزي ، وتعيين محاسبين قانونين على الشركات والمحلات ، وإجبارها على تقديم تقارير يومية مفصلة عن كل ما يحدث من تفاصيل صغيرة وتحميلهم 50 ألف ريال غرامة لو تأخر التقرير.
إجراء تحذيري
شركات ومحلات الصرافة صارت تحل محل البنوك التجارية في التعاملات ، والإضراب إجراء تحذيري للأطراف للحد مما يتعرض له هذه القطاع من تدخلات شتى وابتزاز وإجراءات متناقضة من البنكين، إلا أن استمرار الإضراب سيؤثر بشكل كبير على كافة النواحي الاقتصادية .. بحسب الدكتور طه الفسيل أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء لـ " بلقيس "
ويرى الدكتور الفسيل أن صمود النظام المصرفي طوال السنوات الأربع الأخيرة يعد معجزة حقيقية ، وينبغي إيجاد حلول عاجلة لتعزيز صموده ، وتوحيد العمل ببنكي عدن وصنعاء المركزين ، وتوافق الطرفين على آلية للتنسيق تحت إشراف المجتمع الدولي وبتعاون دول إقليمية ودولية وتشكيل لجان مشتركة للمتابعة والتنسيق.
وفيما يرى مراقبون اقتصاديون ضرورة وضع ضوابط قانونية مشددة لإيقاف عملية المضاربة من قبل محلات الصرافة التي يتزايد عددها بشكل مستمر ، وصل إلى 1500 محل وشركة في عام 2018م واغلبها غير مرخص ، مقابل 462 شركة ومحل صرافة مرخصة من قِبل البنك المركزي في عام 2015 بحسب إحصائيات اقتصادية
إلا أن إلياس يأمل ضرورة إيجاد تشريعات وقوانين مرنة تعطي العمل المصرفي الذي ساهم بشكل فاعل في الاستقرار النسبي للوضع الاقتصادي مساحة للحرية بدلا من التحقيق المستمر مع أصحاب محلات الصرافة كمتهمين حول كل صغيرة وكبيرة حتى في صرفيات المحل ، والتنسيق الذي سيوقف نهب مئات الملايين من العملة الجديدة.
تضارب سياسات
وبحسب دراسة بحثية حديثة بعنوان " أزمة السيولة النقدية ودورها في تدهور الثقة بالشيكات والجهاز المصرفي اليمني " فان انقسام السلطة النقدية ووجود مركزين ماليين أدت إلى تضارب السياسات المالية، ووجدت البنوك التجارية والإسلامية نفسها عـالـقة وسط بنكين مركزيين كل منهما يسعى لفرض الرقابة المالية والنقدية عليها .
وأوضحت أن الانقسام تسبب بمنع سلطة صنعاء تداول الأوراق الجديدة التي قام بنك عدن المركزي بطباعتها ، وقيام مصلحة الضرائب بصنعاء بالحجز على أرصدة بعض كبار المكلفين في البنوك التجارية والإسلامية.
جمعية الصرافين اليمنيين علقت الإضراب ابتداء من يوم السبت 22 يونيو الجاري حتى 30 من الشهر ذاته ، لانتظار تنفيذ الوعود المتعلقة بحل الإشكاليات الحالية التي حصلت عليها خلال لقائها مع جمعية البنوك وجهات مختصة بحسب ما أوردت في بيانها ، إلا أن عودة الإضراب سيظل هاجس يقلق الكثير من المواطنين الذين يعتمدون على التحويلات النقدية للمغتربين اليمينيين خاصة في ظل الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد .
وبحسب تقرير البنك الدولي " موجز الهجرة والتطوير رقم 29 " للعام 2018 فان تحويلات المغتربين اليمنيين وصلت في عام 2017 إلى 3.4 مليار دولار بما يمثل 13.1% من إجمالي الناتج العام .
وعلى الرغم من تعليق الإضراب إلا أن الدكتور الفسيل يؤكد أن الحل لن يكون إلا من خلال تحييد الاقتصاد الوطني الذي تقع تبعات تدهوره بشكل مباشر على المواطن العادي ، وعدم التمترس خلف المواقف ، والإصرار على تمزيق البنك المركزي والعمل المصرفي .