ثمن باهظ
صار فؤاد في أعين محمد الحسني وكثير من الشباب أنموذجا يحتذى به في الرجولة وتحقيق الطموح ، وإشباع الرغبة في الحصول على المال دون الالتفات إلى الثمن وعظمة التضحية فالتحقوا عبر سماسرة من محافظة تعز أو مكاتب تسجيل بمأرب والعبر بالألوية العسكرية المشكلة للدفاع عن حدود السعودية .
كانت الفرحة تغمر محمد الحسني مع كل شهر ويرسل راتبه لوالده لتحقيق حلمه البريء ، وازدادت فرحته حين اخبره والده بقرب استكمال بناء منزله وخطبة الفتاة التي أحبها ، ولم يبقى سوى عودته ليزوجه ويفرح به .
اقترب محمد كثيرا من تحقيق غايته بعد شهور من المخاطرة والمجازفة بالروح وبدأ يستعد للعودة لكن كل أحلامه تلاشت بلحظة خاطفة مر بها الطقم العسكري الذي يقله برفقة زملائه على لغم ارضي ، ورأى أمنياته تفلت من يديه وتتطاير مع شظايا الانفجار .
أُسعف محمد إلى مستشفيات المملكة القريبة لكن الموت كان اقرب فمات قبل أن ينهي التشطيبات النهائية وبقيت أبواب ونوافذ منزله الجديد مشرعة للريح تروي حكاية حلم لم يكتمل وقصة تضحية شباب أوقعهم الطموح وبريق المال في شباك تجار الموت .
تحذيرات
لم تثني حوادث الموت في جبهات الحدود بقية الشباب وخاصة أبناء محافظة تعز عن الالتحاق بمراكب الموت وسماسرة التجنيد خارج الأطر الشرعية فاستمر نزيف الموت يتخطف أرواح الطامحين وتوالت أخبار الموت القادمة من الحدود .
مضى عام وما يزال التربوي هزاع محمد يلملم جراحاته وأحزان أثقلت كاهله لاستشهاد ابنه في جبهات الحدود التي التحق بها دون إذنه عبر سماسرة يبحثون عن مكافآت ونسب من تجنيد الشباب .
الوضع المحبط والأوضاع الاقتصادية دفعت ابن هزاع واقرأنه للالتحاق بجبهات الحدود وأوقعتهم طموح واندفاع سن المراهقة والشباب فرائس سهلة للسماسرة .. بحسب هزاع محمد لـ " بلقيس "
ويقول أن على الحكومة الشرعية والجيش الوطني وضع حداً لزج الشباب إلى محرقة الحدود وإيقاف استغلال الشباب في معارك عبثية يتعامل بها الجيش السعودي بلامبالاة مع أرواح المقاتلين اليمنيين .
لكن قيادة محور تعز كانت قد حذرت في وقت سابق في بيان صحفي من تجنيد الشباب للالتحاق بجبهات الحدود واعتبرت ان هذه العملية غير قانونية وليس لها علاقة بالجيش الوطني ، لكن هذه التحذيرات لم توقف عملية التجنيد والاستقطاب .
وخلال إجازة العيد تلقت أسرة الشاب احمد المعلم خبر إصابته بلغم ارضي تسبب في بتر رجليه وإحدى يديه في البقع الحدودية كالصاعقة ولم تتمكن الأسرة الذهاب لزيارته ورعايته في الأوقات الحرجة التي يعيشها واكتفت بعبارات الندم وتجرع كؤوس الحسرة على السماح له بالالتحاق بجبهات الحدود
قادة غير مؤهلين
تتكون جبهات الحدود من ألوية عسكرية لا تتبع سجلات الجيش الوطني وتتشكل من شباب دفعه الطموح في تأسيس مستقبل أفضل وقيادات مدنية لا خبرة لها في القتال اغلبها من السلفيين ، ويتم منح الجنود رتب عسكرية تحدد بموجبها المرتبات .. كما يؤكد سعيد الصمدي احد الجنود العائدين من الحدود .
الصمدي الذي التحق بلواء الفتح كان محظوظا ونجا من محرقة اللواء في كتاف لأنه كان في إجازة رسمية لكن كثير من الأسر ما تزال تبحث عن شبابها المفقودين وسط متاهة لا توصل إلى خبر يقين
تتعامل السعودية بلا مسئولية مع ألوية الحدود فلا يتلقى الجند تدريبات عسكرية وتترك أمر تخطيط المعارك لتقديرات قيادات لا علاقة لها بالجيش مما قد يؤدي إلى مقتل الكثير .
يقول الصمدي لـ " بلقيس " إن قائد اللواء الشيخ السلفي رداد الهاشمي وكثير من القيادات العسكرية لا تنتمي إلى الجيش وكل من في اللواء يعرف أن الهاشمي تاجر عسل ويمتلك عدة محلات بالمملكة وما تولى قيادة اللواء إلا لقربه من شخصيات سعودية .
يموت الجندي فينقطع الراتب ويجند ضحية أخرى وفي أحسن الأحوال تقدم السعودية 20 ألف ريال سعودي تعويضا لأسرته التي لا تستطيع حتى من إلقاء نظرة الوداع على فقيدها التي ستوارى جثمانه مع أحلامه التي لم تكتمل في قرى مبعثرة في الحدود لا تشبهه ، و تراب لا يشبه تراب وطنه