نهاية خدمة
قبل أيام وجدت جثة الشيخ سلطان الوروي ملقاة في منطقة قفلة عذر بمحافظة عمران بعد أن قتلته عناصر المليشيا ورمت جثته على قارعة الطريق.
الوروي كان أحد أبرز المشائخ الذين سهلوا للحوثيين اجتياح محافظة عمران عام 2014، وقبل أيام قتل القيادي محمد الشتوي وهو أحد مشائخ محافظة عمران أيضاً على يد القيادي مجاهد قشيرة، ليلقي قشيرة حتفه لاحقاً برصاص عناصر المليشيا بعد اشتباكات عنيفة دارت بينهم.
في أبريل الماضي قتل الشيخ أحمد السكني على يد أحد القيادات الحوثية في منطقة صرف، حيث أثارت القضية صدىً واسعاً بين أبناء القبائل، وفي أواخر مايو الماضي، قتل القيادي الحوثي عبدالقادر سفيان على يد قياديا آخر في مواجهات هزت مدينة إب، وسقط فيها العديد من القتلى من الطرفين.
مكافاة نهاية الخدمة، هكذا تبدو كنهاية لهذه الأسماء وهي تتساقط بين حين وآخر كضحايا للجماعة التي استقوا بها ذات يوم ، وكانوا جزءاً من سيناريو تسليم مناطقهم وقبائلهم لها.
وحين يذكر غدر الحوثيين لحلفائهم فأن الذاكرة الشعبية تستحضر إسم الرئيس السابق علي صالح كأبرز من عبد الطريق للمليشيا قبل أن ينتهي به المطاف أحد ضحاياها في ديسمبر 2017.
في لحظة يعتقد البعض أن الإنتماء للمليشيا قد يكون فرصة للنفوذ، أو حتى الإبتعاد عن الأذى، إلا أن الشواهد المتعاقبة تؤكد حقيقة واحدة وهي أن المليشيا ليست بديلاً عن الدولة ولا عن الجماعات السياسية، حيث يحتكم الجميع لقواعد التنافس السلمي وأدوات القانون
ولعل السؤوال الذي يطرح نفسه الآن ، لماذا تصفي مليشيا الحوثي شخصيات نسقت لها ودعمتها لاجتياح عمران وصنعاء وباقي المحافظات ومكنتها من إسقاط الدولة؟
تصفية المتعاونين
الصحفي فهد سلطان يرى أنه "ليس بغريب على مليشيا الحوثي تصفية الموالين لها أو الذين ساعدوها على اقتحام المدن والمناطق بالنظر إلى التاريخ الماضي للجماعة نفسها، مبينا إلى أن مليشيا الحوثي تعيد اليوم نفس التاريخ ونفس السلوك ونفس الحوادث، معتبرا ذلك سلوك وثقافة الجماعة أو السلالة لامتداد أكثر من 8 قرون".
وأضاف سلطان خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" مساء الأحد (21 يوليو/تموز) إلى أن لجوء مليشيا الحوثي لتصفية المتعاونين معها يأتي بعد تحولهم بفترة من الفترات إلى عبء عليها بعد رفع سقف مطالبهم أو تجاوز الحدود المرسومة لهم، وبالتالي ترى الجماعة أنه لا بد من القضاء على هذه الشخصيات.
ويضيف سلطان أن المليشيا تلجأ أيضا لتصفية هذه الشخصيات بعدما يتحولوا إلى مصدر خوف وقلق للمليشيا لأنهم أشخاص لديهم نفوذ ومصالح.
بدروه؛ اعتبر الكاتب والباحث محمد الصبري مسلسل التصفية الذي تقوم به مليشيا الحوثي بحق الأدوات التي ساعدتها في إسقاط المدن "نتيجة طبيعية وتتوافق مع طبيعة التكوين المذهبي والسياسي الذي بنيت عليه هذه الجماعة"، مضيفا أن هذه الجماعة بنيت على أساس الاعتقاد بالحق الإلهي، وبالتالي كل ما دون ذلك ما هم إلا عبارة عن وسائل وأدوات تعمل على توظيفهم واستنفاذ قدراتهم، ومن ثم ترمي بهم إلى الظل أو التصفية الجسدية بعد الاستفادة منهم.
وعن تأثير هذه التصفيات على القبيلة اليمنية وخاصة قبائل طوق صنعاء، قال الصبري إن القبيلة تم اسكاتها تماما من قبل الحوثيين باستخدام المستوى الأعلى من البطش والإرهاب والتنكيل ضد الوجاهات القبلية والمواطنين.
وأردف إلى أن عند دخول الحوثي مدينة عمران تعمد أن يضرب رؤوس القبائل اليمينة الكبيرة مثل بيت الأحمر وغيرهم من أجل اسكات بقية القبائل.
شواهد تاريخية
وتطرق الصبري إلى الشواهد التاريخية لتصرف الإمامة مع القبيلة اليمنية في سياق الأحداث المتشابهة حاليا، وأوضح إلى أن الإمامة كانت تمارس بحق القبيلة نفس الدور الذي تمارسه جماعة الحوثي الآن، من اختطاف وإعدامات وقتل واعتقال، متوقعا مصيرا للحوثيين كذلك الذي حدث للإماميين.
ولفت الصبري إلى أن جماعة الحوثي لا تتكيَف إلا بالأزمات والبطش والتنكيل بالناس، ولا تتعامل مع الآخرين باعتبارهم شركاء بل أدوات يتم استخدامهم، وعند اكتفائها منهم تلقي بهم إلى السجون أو تقوم بتصفيتهم.
واعتبر الصبري الحديث عن احتمال حدوث انتفاضة لقبائل طوق صنعاء ضد مليشيا الحوثي سابق لأوانه، لأن القبيلة لم تستوعب الصدمات بعد، بالإضافة إلى الأسلوب الذي يستخدمه الحوثيون مع هذه الظواهر والمتمثل في البطش والتنكيل والإرهاب لتستبق حالة الحراك الشعبي.
وتشهد بعض المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، خلافات مسلحة بين الحين والآخر، تتعلق معظمها بالإتاوات المالية والنفوذ في تلك المناطق، إذ شهدت مدينة إب، أواخر مايو الماضي، مواجهات دامية بين قيادات في الجماعة أسفرت عن تصفية أحد القيادات المحلية التي ساهمت بشكل كبير في تمكينهم من الاستيلاء على المحافظة، وهو العميد اسماعيل عبدالقادر سفيان، المعين من قبلهم وكيلاً لمحافظة إب، في اشتباكات مسلحة وسط المدينة.