يقول المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي إن: "إعادة إطلاق قناة اليمن اليوم والبيان الذي تلاه أحد أعضاء المؤتمر، يشير إلى بصمة أبوظبي التي تريد أن تتصرف كما هو خطها السياسي تجاه الأزمة اليمنية بعيداً عن السلطة الشرعية، وربما قد تعمل ضد رغبة الرئيس هادي في استعادة قيادة الحزب كما هو مفترض".
ويتابع التميمي: "الأمر بالنسبة للتحالف يتعلق بإيجاد بديل مناسب لشركائه الحاليين غير المرغوب فيهم، ويندرجون في إطار الشرعية".
ويرى محللون أن الدور الإماراتي بدا واضحاً في بيان الحزب الذي تلاه القيادي عادل الشجاع، الذي يمثل التيار الموجود بالعاصمة المصرية القاهرة، ويحظى بدعم أسرة صالح وأبنائه.
وكتب الصحفي اليمني أحمد الزرقة في صفحته على فيسبوك إن "الإمارات تسعى لزرع ألغام سياسية من خلال محاولة إعادة أحمد علي صالح (نجل المخلوع) المشمول بعقوبات أممية إلى المشهد وتسليمه حزب المؤتمر".
وأضاف الرزقة: "هو- أي أحمد صالح- لا يملك أي صفة في الحزب"، إنما تسعى الإمارات لذلك من خلال إنتاج ما وصفه بالأجسام الغريبة "التي تدين لها بالولاء، وتتحول لكيانات ممسوخة الانتماء ومسلوبة الإرادة".
دور الرئيس هادي:
من جانبه يقول المحلل السياسي توفيق السامعي: إن "هادي وعدداً من قيادات المؤتمر سيعملون على إعادة اللحمة للمؤتمر ومكوناته ولا يجدون خياراً آخر؛ لكون هذه الظروف تحتم توحيد كل التيارات لمواجهة الانقلابيين".
ويضيف السامعي: "قام الانقلابيون بتصفية القيادات التي كانت موجودة بالداخل، في حين اعتقلوا آخرين في محاولة منهم لتفريخ حزب آخر باسم المؤتمر يكون في فلك الانقلاب، وتتحكم به المليشيات لكونها وجدت نفسها دون حلفاء".
وتحدث السامعي في تصريحات لـ"الخليج أونلاين"، أن نشاط المؤتمر الآن يتجه سياسياً في توحيد صفوفه والدفع بجميع مكوناته للمواجهة العسكرية الشاملة وفي كل الجبهات، وهذا يتطلب وقتاً.
وأكد أن "صلف المليشيا الحوثية وإرهابها لن يوحد المؤتمريين فقط (ضدها)، بل سيوحد كل القوى السياسية لمواجهتها، وهذا ما تسعى لتشكيله كل القوى السياسية الداعمة للشرعية".
خطوة مطلوبة:
يرى رئيس مركز أبعاد للدراسات، عبد السلام محمد أن الخطوة العملية تتمثل بأن يقوم هادي ونائبه ورئيس الحكومة باستيعاب القيادات الحزبية والعسكرية، وعلى رأسهم نجل صالح، وإعطائهم دوراً تنفيذياً محدوداً في الدولة.
ويقول محمد عبد السلام في منشور عبر فيسبوك أن "قاعدة المؤتمر الشعبية ليس لها ارتباط تنظيمي بالحزب، وإنما لعبت مصالح الدولة وكاريزما صالح في هذه الشعبية، وبذلك سيعاني المؤتمر من غياب مفاجئ". ولأجل ذلك رأى أنه "يسهل تفكيكه لفائدة الحركة الحوثية التي تخطط لابتلاع الحزب وخلافة صالح في إرثه السياسي والعسكري".
وحذر من أن التفكير عكس ذلك بدفع نجل صالح كقوة جديدة بديلة للشرعية "خطأ فادح وتكرار للفشل"؛ لأن المرحلة الحالية تحتاج شراكة كل المكونات السياسية، حتى إنجاح الانتقال وإجراء الانتخابات. وقال: "لا توجد قوة صلبة على الأرض حالياً تجابه الانقلاب غير الشرعية، وانتظار تأسيس قوة جديدة معناه المزيد من الخسائر".
ويطالب ناشطون من حزب المؤتمر (في مرحلة ما بعد مقتل صالح) بالاعتراف بالسلطات الشرعية وكل الشركاء الوطنيين، والتعاون معها عسكرياً وسياسياً وإعلامياً في استعادة الجمهورية، وإصدار بيان اعتذار للشعب اليمني عن كل الأخطاء السياسية السابقة التي أدت إلى هذه المآلات، والانتقال بالبلاد إلى تطبيق مخرجات الحوار الوطني وإجراء الانتخابات.
وظل المؤتمر الشعبي العام حزباً حاكماً في اليمن لأكثر من ثلاثة عقود إلا أنه تشظى إلى تيارين عقب الانقلاب المسلح (21 سبتمبر 2014) على السلطة، الذي نفذته مليشيا الحوثي بدعم من الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح الذي أمسك بقيادة الحزب منذ تأسيسه.
وبعد مقتل المخلوع على يد مليشيا الحوثي شريكهم في الانقلاب، يتعرض الحزب لعملية لتقسيم المقسم؛ فبعد أن كان هناك تيار مع الشرعية والرئيس عبد ربه هادي بوصفه الأمين العام للحزب وهو الأقل تأثيراً في الشارع اليمني، وآخر في صنعاء مع صالح، أصبح الأخير منقسماً؛ جزء مذعن للحوثيين الذين بدأوا بترتيبه كحزب خاضع لهم ويخدم أجندتهم، وجزء آخر في القاهرة وأبوظبي التي يوجد بها أبناء صالح ويتوقع أن يكون ذلك سبباً في شعبيته.
طريقان لا ثالث لهما أمام الحزب، الذي تأسس 24 أغسطس 1982، إما الالتئام أو الاستمرار في التشظي، خصوصاً أن كل تيار أصدر نسخة من قناة اليمن اليوم التي تمثل الحزب بعد أيام من اقتحام الحوثيين لها، واحتجاز 43 من موظفيها.
المصدر: صحيفة الشرق