تأتي هذه المشاورات المقرر عقدها خلال اليومين المقبلين بعد فشل أربع جولات سابقة برعاية الأمم المتحدة وأخرى خامسة تم إجهاضها قبل ان تبدأ خلال سبتمبر الماضي في جنيف.
ورفضت مليشيا الحوثي جميع الحلول التي طرحت على طاولة المشاورات السابقة، كما وضعت إشتراطات مسبقة، ما أدى إلى الفشل المتكرر.
ورغم التعنت، فقد استجابت الأمم المتحدة لها مؤخرا عبر الضغط على الحكومة والتحالف والسماح للمليشيا بإجلاء خمسين جريحا من مقاتليها إلى سلطنة عمان.
لقد بذل المبعوث الأممي السابق إسماعيل ولد الشيخ أحمد جهوده لدفع الأطراف اليمنية إلى طاولة الحوار ومحاولة الخروج بأية صيغة للحل السياسي، وفشل في ذلك.
ويبدو ان أقصى ما يريده المبعوث الحالي مارتن غريفيث هو الوصول بهذه الأطراف إلى طاولة الحوار فقط.
وتتعرضالحكومة لضغوط كبيرة للدخول في المشاورات دون اشتراطات مسبقة من جانبها، رغم أن اشتراطاتها كانت دوما معبرة عن جوهر مهمة الأمم المتحدة ومبعوثيها إلى اليمن، وبالذات تأكيدها على ضرورة الالتزام بالمرجعيات الثلاث.
وقد ألمح الجانب الحكومي إلى هذه الضغوط بالتعبير مرارا على ان أية عملية سلام لا تستند إلى هذه المرجعيات لن يكتب لها النجاح وستبوء بالفشل.
وقبل إنطلاق المشاورات المزمعة في السويد، أفادت مصادر إعلامية بأنه جرى التوقيع على اتفاق تبادل للأسرى بين الحكومة الشرعية والتحالف ومليشيا الحوثي.
ويشمل الاتفاق كل المعتقلين والمحتجزين اليمنيين أو من دول التحالف ويتضمن ألية مزمنة للتبادل.
كما ياتي ضمن تسوية أشمل تتضمن وقف معركة الحديدة وفتح مطار صنعاء ووقف الغارات الجوية للتحالف وإطلاق الصواريخ الباليستية للمليشيا.
وتعد قضية المختطفين والمعتقلين لدى مليشيا الحوثي واحدة من أهم القضايا التي تلامس جرح يمني نازف منذ أربع سنوات، إذ يتعرضون لصنوف شتى من عمليات التعذيب الوحشية.
وأشارت مصادر حقوقية في وقت سابق إلى ان نحو 150 معتقلا على الأقل فارقوا الحياة في سجون الحوثيين نتيجة تعرضهم للتعذيب.
كما تمثل معركة الحديدة في مقدمة أولويات المشاورات القادمة والتي تسعى الأمم المتحدة لوقفها بشتى السبل.
وبدت تحركات مارتن غريفيث الحثيثة وكأنها محاولة منه لإنقاذ الحوثيين من خسارة منفذ إيرادي ضخم عبر ميناء المدينة الاستراتيجي.
وتذهب كل المؤشرات إلى ان الحوثيين ليسوا في وارد التنازل عن السلاح الثقيل وإنهاء سيطرتهم على المدن والمؤسسات الحكومية بواسطة العملية السياسية والتشاورية.
بقاء الأسلحة الثقيلة في قبضة الحوثيين، لا يشكل خطرا على اليمن فحسب، بل تهديدا لأمن المنطقة والمصالح الدولية في البحر الأحمر وباب المندب.
هذا الخطر لم يعد مثار تكهنات أو تحليلات وإنما ملموس في الواقع عبر الصواريخ الباليستية على السعودية، والاعتداءات السابقة على سفن النفط في البحر الأحمر.
ولن يتوفر الأمن الدولي إلا بتنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 والذي نص على تسليم الأسلحة الثقيلة للدولة اليمنية.
لكن على ذات الطريق الذي سلكه المبعوثين السابقين للأمم المتحدة إلى اليمن، يمضي مارتن غريفيث في إطلاق سراب الوعود بشأن العملية السياسية المرتقبة، ولم يجد حتى من يلفت انتباهه إلى التطورات السلبية المتصاعدة على أرض الواقع.
وثمة شبه إجماع على ان الأوضاع الانسانية متردية وبالغة السوء. لكن لا أحد يبدي الجهود الحقيقية والصادقة لوقف معاناة اليمنيين.
ستشكل هذه المشاورات خطوة أولى في حالة تحريك الملف الانساني المتعلق بإطلاق سراح المعتقلين لدى مليشيا الحوثي، فيما تبقى عدة ملفات انسانية عالقة.
أما قضية فتح مطار صنعاء، فرغم الوجه الانساني للمسعى الأممي، لكنه، يثير شكوكا من فتح نافذة أخرى إيرادية للمليشيا إلى جانب وقف معركة الحديدة وبقاء مينائها تحت السيطرة الحوثية.