على الرغم من أن الحرب التي شنها الانتقالي، بدعم إماراتي، على الحكومة الشرعية في عدد من المحافظات الجنوبية، كانت تحت شعارات عدة أهمها مواجهة فساد الحكومة، ومعالجة نقص الخدمات، بالإضافة لشعار استعادة الدولة الجنوبية، إلا أن الوضع ازداد سوءاً في هذه المناطق، ولا يبدو أن لدى الانتقالي خطة حقيقية لمعالجة الاختلالات التي تسبب بظهورها.
الخدمات ليست مهمتنا
وفي مواجهة تصاعد الأصوات الشعبية المطالبة بتحمل الانتقالي بمسؤوليته تجاه حياة المواطنين في هذه المحافظات، ظهر بعض قيادته يؤكدون أن هذه ليست مهمة الانتقالي، فمهمته تتخلص في استعادة الدولة الجنوبية فقط، فيما يجب على الحكومة اليمنية أن تتحمل كل تكاليف المشروع، أو أن يدير المواطنين حياتهم بالطريقة التي تناسبهم.
وفي حين يقول مناصرو الانتقالي أن هذا أمر طبيعي طالما أن المجلس لا يفرض سيطرته على ما يسمونه "الجنوب العربي"، يؤكد الطرف الآخر أن هذا هو الوجه الحقيقي لمهمة الجماعات والمليشيات الموالية لأبوظبي، والتي استغلت شعارات القضية الجنوبية واستعملتها لتحقيق غايات لا علاقة للمواطنين في الجنوب بها.
الناشط السياسي أحمد الصالح قال إن هناك قوانين دولية تنظم مثل هذه الأمور وتحمل المسؤولية من بيده المسؤولية، أو من يلتزم عليه المسؤولية، محملاً الشرعية مسؤولية تردي الخدمات كونها ما زالت تدير كافة مؤسسات الدولة، ولم يتدخل المجلس الانتقالي أو يسيطر على مرفق أو مؤسسة أو ميناء، مشيرا إلى أن الشرعية تتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية أمام المجتمع الدولي.
وأضاف الصالح، خلال حديثه لبرنامج "فضاء حر" الأسبوعي على قناة بلقيس، إلى أن ما حصل في عدن "حركة تصحيحية لتصحيح الوضع الأمني الذي حاصل هناك، فمؤسسات الدولة لا زالت قائمة وتحكمها إدارات الشرعية، والأجهزة الأمنية والعسكرية كما هي قائمة".
من جهته؛ القيادي في الحراك الجنوبي السلمي عبدالكريم السعدي قال إن الحكومة أُخرجت من عدن ولم يعد لها وجود، حتى عندما كانت موجودة في عدن يتعطل عملها، وكانت هناك مناطق في عدن محتلة وتسيطر عليها مليشيات المجلس الانتقالي المدعومة إماراتياً.
وعلى عكس حديث الصالح حول تحمل الحكومة اليمنية مسؤوليته تجاه المجتمع الدولي، أوضح السعدي أن القوانين الدولية تفرض على أي قوة كانت، دولة أو انقلاب داخلي يحتل بقعة جغرافية، أن تقوم بواجباتها تجاه المواطنين بهذه البقعة الجغرافية، وتوفر لهم ضروريات الحياة، ناهيك عن القوانين الأخلاقية التي يجب أن تتدخل في المحافظات الجنوبية، وليس الذكاء أو التباكي وازدواجية الخطاب وخلق المبررات، لافتاً إلى أن المجلس الانتقالي قام بمهاجمة المؤسسات الحكومية وتقييدها وتحييد عملها وتعطيلها، خلافاً لما قاله الصالح.
الصالح أوضح أن المجلس الانتقالي تحرك سياسياً، ولم يعلن سيطرته على الدولة بعكس ما حصل في صنعاء من قبل الحوثيين، ولم يطرد أحد من البلد، لافتا إلى أنه لم تكن الحكومة موجودة أساسا في عدن سوى وزيران غادرا ، مشيراً إلى أن المسؤولية يتحملها من يقبض إيرادات الدولة ويمسك بزمام البنك المركزي ولديه تواقيع الشيكات، وهذا تتحكم به الشرعية، بالتالي لا يسقط عليها الواجبات.
خيارات موجعة
وأردف الصالح إلى أن الحكومة عندما كانت موجودة في عدن بكل قوامها لم تقم بالعمل بالحد الأدنى من واجباتها، متهما إياها باستخدام هذه الأوراق " لتأليب" الشارع الجنوبي ضد المجلس الانتقالي، منوها إلى أن المجلس الانتقالي والقوى الجنوبية قاطبة لديها خيارات مفتوحة، لكنها تحاول أن تسمع لصوت العقل مع السعودية والإمارات حول الحوار الحاصل في جدة لإعطاء مساحة للسلام وللتفاهم، متوعدا بخيارات "موجعة" ومؤلمة للجميع في حال التملص من الالتزامات، ولن يسمح المجلس الانتقالي أن تبقى الأمور في هذه الدائرة أو النقطة، بحسب الصالح.
وبشان تساءل: ماهي مهام المجلس الانتقالي وما الذي يقدمه للمواطنين في المحافظات التي يسيطر عليها، أوضح الصالح أن المجلس الانتقالي مكون سياسي يمثل إرادة شعبية حقيقية، بالتالي هو خارج إطار الدولة وليس عليه توفير الخدمات للناس وليست من اختصاصه.
وأعتبر السعدي وصف المجلس الانتقالي بالمكون السياسي بالبعيد عن الواقع، مشيرا إلى أن المجلس الانتقالي اليوم قوة عسكرية تمتلك دبابات ومدرعات وتدخل في معركتها طائرات وقصفت قوات الشرعية في مناطق بأبين والعلم وغيرها، بالتالي هو مكون عسكري وليس سياسي كما يدعي أحمد الصالح.
ويرى السعدي أنه من الغير المنطق إتهام كل من يختلف مع الانتقالي بأنه يخدم قوى أخرى، مستدركا: قدمنا – نحن كقوى جنوبية- رؤى للأخوة في الانتقالي بأنه لا بد من التعاطي مع الشرعية، خصوصاً أن الشرعية المتواجدة عناصرها جنوبية خالصة، حتى لا نخلق لهم مبرر بعدم التعاطي مع الشماليين.