وتثير السيطرة المدعومة من قبل الإمارات والسعودية أسئلة قلقة بشأن السيناريوهات المتوقعة خاصة في بقية المحافظات الجنوبية.
و لا تتوقف المخاوف والتوقعات عند حد معين. ففيما أضحت مليشيا الحوثي تحكم سيطرتها على مناطق شمال الشمال بقوة الحديد والنار.
برز التحدي الجديد المتمثل بسيطرة مليشيا انفصالية على المحافظات الجنوبية، إذ عبرت قيادات المجلس عن نيتها في التوسع خارج عدن إلى بقية المحافظات.
لم يكن هذا التحدي بعيدا عن أعين التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات في اليمن منذ أربع سنوات ونصف بحجة إعادة الشرعية إلى العاصمة صنعاء.
لقد أسقطت معارك الأربعة أيام في عدن ورقة التوت عن التحالف، وكشفت مجددا عن غدره بالشرعية وسعيه الحثيث لتمزيق وتفتيت البلاد.
كما سقطت مجددا أوهام الصراع والخلافات بين السعودية والإمارات والتى ظل البعض يراهن عليها حتى الرمق الأخير من المعركة، مبديا آماله بسحب الدعم عن المليشيا الانفصالية.
لكن بعد انتهاء أذرع الدولتين من المهمة، خرجت السعودية عن صمتها، ووجهت دعوة للحكومة اليمنية وجميع الأطراف إلى عقد اجتماع عاجل في السعودية لمناقشة الخلافات ووقف ما سمتها الفتنة وتوحيد الصف.
ودعت الإمارات من جانبها إلى "التهدئة وعدم التصعيد". وحثت الجميع على حشد الجهود تجاه التصدي للانقلاب الحوثي وتداعياته.
بدت مثل هذه المواقف، كما الاعلان عن استهداف احدى المواقع التي تمثل تهديدا للحكومة الشرعية، حسب ما جاء في البيان السعودي، وسائل جديدة لتخدير النخب اليمنية وبيع الأوهام.
يوم أمس، التقى العاهل السعودي ولي عهد أبو ظبي محمد ابن زايد في مكة المكرمة، وكانت "العملية الانقلابية" الأخيرة من دون شك الهدف الوحيد للقاء.
ومن الواضح ان أبوظبي والرياض تجري هندسة جديدة للخارطة اليمنية عقب هذه العملية الانقلابية في عدن، وذلك ما يثير عدد من التساؤلات حول الخطوة التالية.
يقول ولي عهد أبو ظبي في بيان عقب اجتماع مكة يوم أمس إن "الحوار هو السبيل الوحيد لتسوية أية خلافات بين اليمنيين".
ويضيف أن الدعوة التي وجهتها الرياض إلى أطراف الصراع في اليمن "تجسد الحرص المشترك على استقرار اليمن، وتمثل إطارا مهما لنزع فتيل الفتنة وتحقيق التضامن بين أبناء الوطن الواحد".
هذا يؤشر إلى واحد من السناريوهات المتوقعة، وهو مسألة إشراك المجلس الانتقالي في العملية السياسية القادمة كطرف شرعي إلى جانب الحكومة.
الشيء الأخر، ثمة من يتوقع دور أكبر للمجلس، وهو سعيه لتمثيل كافة المحافظات الجنوبية خاصة بعد إنشاء الإمارات وتدريبها قوات تابعة له في أغلب المحافظات.
كما ان محاولات فصل الجنوب عن شماله، عملية غير مستبعدة. لكن، تظل محفوفة بالتحديات والعقبات، وهل ستمر بدون مقاومة ، إذا لا يخفى على أحد النزعات الانفصالية عن هيمنة المجلس في بقية المحافظات.
هناك مقاومة شعبية وقبلية للوجود السعودي في المهرة، ورفض مجتمعي لتواجد القوات الإماراتية في جزيرة سقطرى، وقد عبرت عن نفسها أكثر من مرة.
لكن الثابت ان السلطة الشرعية الهشة التي يمثلها الرئيس هادي، آخذة في التآكل، إذ تبدو خيارات وسيناريوهات السعودية والإمارات ماضية في الساحة الجنوبية.
وبينما تشكل مليشيا الحوثي تهديدا للسعودية، تتطلع الإمارات لتنفيذ أجندتها حتى في محافظات لا زالت تحت سيطرة الحكومة الشرعية مثل تعز ومأرب.
في هذا السياق، خفت المراهنة كثيرا على دور الحكومة الشرعيية لمواجهة أطماع الدولتين بعد معركة عدن.
وتتجه الأنظار والتطلعات حاليا إلى أمل جديد بتشكل مقاومة شعبية متصاعدة من خارج مربع الشرعية الرهينة في الرياض.