هذا الشعار كان أوقح من خطابات الساسة وتجار الحروب، لأنه كان يستفز مشاعر العامة الفقراء من اليمنيين، والذين يشعرون بإهانة بالغة كلما شاهدوه على ربطات أعناق أؤلئك المسئوليين اللصوص، فيما هم أي الفقراء كل واحد منهم يربط على بطنه حبل من الجوع، ويلزمون الصمت.
لكن أن يصل الأمر باللصوص إلى مستوى وقاحة الشعار والذي كأنه يوحي بأن لا أحد يحب اليمن سواهم، وإن جاز التعبير فقد كان حقا لا يحبل اليمن بالمصائب سواهم.
ولكوني واحد من عامة الفقراء، كان يستفزني ذلك الشعار على ربطات أعناق اللصوص، لكن صباح الإثنين 18 فبراير 2019، تفاجأت بمشهد مغاير تماما: مجموعة أطفال يسيرون وكأنهم في تمرين عسكري، يد على كتف زميل من جهة اليسار واليد الأخرى على كتف زميل آخر من جهة اليمين، وهم في زي مدرسي موحد كُتب على يساره عبارة: "اليمن في قلوبنا" ويعلو العبارة العلم الوطني.
مشهد جعلني أؤمن أن اليمن فعلا في قلوب هؤلاء الأطفال إن استمروا بنقاءهم هذا ولم تلوثهم السياسة والاحقاد والآنا المقيتة.
مشهد الأطفال وهم يتحدثون بود ويبتسمون بنقاء وهدوء، أربكني فتوقفت للتو مكاني أتابع عرسهم الصباحي الجميل هذا.
يا الله ما أنقى وأبهى ذلك المشهد والأكثر نقاء وبهاء تآلفهم وتقاسمهم قطعة حلوى أخرجها أحدهم بعد أن فك يديه من على كتفي زميله ليمد يده في جيب حقيبته ويخرج قطعة الحلوى تلك ويقوم بفتحها وتقريبها إلى فم زميله الأول والذي رفض القضم منها مقدما زميله عليه وهكذا حتى انتهى إلى آخر طفل.
علت وجوههم دهشة وخجل حينما أدركوا أني أتابعهم، بسعادة توازي الضوء هززت رأسي لهم بالاستحسان وأشرت بيدي مبتسما، ابتسموا بنقاء ومرح لتشجيعي لهم، ثم عادوا ليتقاسموا قطعة الحلوى بحب وقناعة.
هذا المشهد جعلني أؤمن أن اليمن فعلا في قلوب هؤلاء الأطفال إن استمروا بنقاءهم هذا ولم تلوثهم السياسة والاحقاد والآنا المقيتة.
فهل يكتفي اللصوص بنهب الوطن، ومثلهم تجار الحروب. هل يكتفون بتمزيق الوطن وكذلك الساسة هل يكتفون كافتهم بنهب وتمزيق الوطن ويتركون نقاء هؤلاء الأطفال يخطون بأحلامهم ونقاءهم خارطة وطن يسوده السلام.
تمنيت من أعماق قلبي أن يكون وطننا بهي ونقي مثل بسمة أولئك الأطفال.