أمل بنت السابعة واحدة من كثيرين بلا عدد من أطفال اليمن قصفت الحرب أعمارهم وجعلت مستقبلهم علامة استفهام في المجهول.
أمل واحدةٌ من ملايينِ الأطفالِ اليمنيين الذين يتساقطون كأوراقِ الخريفِ تحت الحصار والقذائفِ والألغامِ والجوعِ والأوبئة.
وجه أمل ومعاناتها ومصيرها المؤلم هو وجه الحرب، العالم كله يتحمل وزر ما حدث.
لقد مات أطفال ونساء ومدنيون يمنيون كثُر، وتم طمر عائلات بأكملها تحت التراب، في كل بيت في اليمن يصرخ أطفال مجهولون لم يعرف العالم أسماءهم ولم يرَ وجوههم ولم يعرف شيئا عن آلامهم ومعاناتهم. يصرخون من الحرب. يتألمون بصمت من الرعب والخوف الذي يلف حياتهم !
لكن بدا العالم غير مكترث بما يحدث في اليمن، البلد الذي لا ينتج القدر المناسب من النفط لكي يكون محظوظا بالرعاية والاهتمام.
لا تفهم أمل ومعها أطفال اليمن معنى نفوذ إيراني ولا ما تعنيه عقود بيع السلاح لدولة سعودية أو إماراتية غنية بالنفط تعتقد أنها اشترت صمت المجتمع الدولي على حربها في اليمن، وأن كل شيء متاح لها لتفعله هناك.
لا يجب أن يفلت المجرمون من المحاسبة الدولية، ما لم فإن صورة أمل سوف تتكرر، والضحايا سوف يسدون أفق الشمس.
هل أدركتم يوما معنى أن يكون العالم موحشاً ؟ هل عرفتم في حياتكم معنى أن تكون الحياة فخاً منصوباً للعذاب؟ هل تتخيلون ماذا يعني لطفل أن تكون الحياة بالنسبة له هي الحرب والخوف والنزوح والمرض والجوع والقهر وفقدان المأوى والعلاج والطعام ؟!
أنا يمنية وأعرف جيداً أي قهر وموت وغضب غرسته هذه الحرب في كل بيت وفي كل قلب في بلدي اليمن. أعرف ماذا يعنيه قهر الإنسان وكسر إرادته بميليشيات الموت الحوثية التي تقاتل لاستعباد اليمنيين، وأعرف جيدا ماذا يعنيه تغول طيران النفط على يمن فقير لكنه يفوقهم تاريخا وكرامة وحضارة وانتماء للإنسانية.
لقد شكّل رحيل أمل بهذه الطريقة إدانة لأطراف الحرب الذين يفتقدون للنزاهة اللازمة حتى أثناء الحرب، لذا بادر كل طرف للقول إن صورة أمل عرّت الطرف الآخر، فيما واقع الحال، أن صورة أمل وصور ضحايا الحرب في اليمن عرّت السعودية والإمارات والحوثيين وكشفت عنهم.. أخطر تجمع لمجرمي الحرب في العالم.
بإمكان السياسيين وتجار الحروب أن يتحدثوا كما يشاؤون، ومن حق أطفال اليمن وملايين المدنيين الذين أوقفت الحرب حياتهم أن يحلموا بالسلام. أن يتطلعوا لعالم يحس بعذابهم. أن يتطلعوا لسلام حقيقي ينهي الحرب ويضع حدا لآلامهم. أن يأملوا بيوم قريب تعود فيه دولتهم ويستعيدون فيه أمنهم واستقرارهم ليستأنفوا حياتهم من جديد.
من حق أطفال اليمن أن يذهبوا إلى مدارسهم دون خوف وأن يتطلعوا لوجوه آبائهم دون أن يروا في عيونهم القهر والعوز والخوف وقلة الحيلة.
في هذه اللحظة الحاسمة، يشكّل موت أمل حدثا فارقا في تاريخ هذه الحرب التي تبدو بلا أفق، فهل يلتفت العالم لبلد منسي يعاني سكانه الذين يقارب عددهم ال ٣٠ مليونا من مأساة لا نظير لها في عالم اليوم ؟
اليوم وبعد موت أمل.. هناك بوادر لصحوة ضمير قد تقودنا إلى معاقبة المجرمين باختلاف مستواهم المالي ووزنهم السياسي، لا يجب أن يفلت المجرمون من المحاسبة الدولية، ما لم فإن صورة أمل سوف تتكرر، والضحايا سوف يسدون أفق الشمس.
لقراءة مقال توكل كرمان عن الطفلة أمل حسين في مجلة التايم الأمريكية إضغط هنا