ثمة أخطاء فادحة. لكن ليست بحجم التضحيات التي تقدمها المحافظة لأجل المشروع الوطني.
أسوأ شيء يمكن ان يصاب به المرء هو التعصب المناطقي إلى جانب العصبويات التي وقعت البلد في قعرها مؤخرا.
إلا ان هناك كائنات طارئة تحاول مرارا وتكرارا الانتقاص من تضحيات الآخرين وشلال الدم والقوافل اليومية التي تشيعها المحافظة لقوائم الشهداء والجرحى والأطراف المبتورة.
يوجد 21 ألف جريح بينهم أكثر من 500 جريح مبتورو الأطراف وأكثر من 260 مصابين باعاقة دائمة، بحسب اللجنة الطبية لجرحى تعز.
هذا رقم كبير جدا. فضلا عن العذابات اليومية المشاهدة لعمليات القتل والقنص والحصار.
قبل أكثر من أربع سنوات، كنا ندرك الفخ الذي أريد للمحافظة الوقوع فيه من قبل جهات محلية وإقليمية حين تركت إلى جانب البيضاء ومأرب، لكي تتصدر المواجهة العسكرية، وغض الطرف عن محافظات أكثر تسليحا وجاهزية للقتال.
يومها جرى النفخ في أوداج التعزيين للمواجهة العسكرية بدون حماية أو معركة واضحة.
تصدرت المحافظة المسيرات السلمية للدفاع عن المشروع الوطني منذ العام 2011م ، وهي ميزة قائمة حتى اللحظة.
الشيء الثابت والمستفز لوهج الحقيقة هو ان تعز باتت تدفع ثمنا كبيرا للمغالطات بشأن الدفاع عن المشروع الوطني.
احدى هذه المسيرات خرجت كي تتصدى لزحف القوات المتحالفة مع مليشيا الحوثي على عدن، وقوبلت بقمع الرصاص، وسقط على إثرها قتلى وجرحى.
لا أحد من النخب الجنوبية يتذكر ذلك. الذاكرة الجنوبية أضحت معطوبة بكل أمراض العصبويات الهائجة تجاه الشماليين خاصة أبناء تعز تحديدا.
جرحى المحافظة والذين يتساقطون منذ أكثر من أربع سنوات كنتيجة أيضا لمحاولة وقف زحف المليشيا على عدن، يتعرضون للإهانة لمجرد عبورهم في النقاط الأمنية الجنوبية لتلقي العلاج في الخارح.
غير ذلك. ثمة الشيء الكثير يمكن ان يقال حول المواطنين الشماليين وما يتعرضون له من مطاردات ومهانة في عدن والمحافظات الجنوبية.
تلاشت الدولة في وعي النخب بشأن مسؤوليتها في حماية المواطنين والمحافظات من زحف المليشيا، وحضرت المناطقية كضرورة للمواجهة والتصدي.
وسط أنات آلاف الجرحى، ثمة من يردد بابتهاج رجاحة تجنيب محافظته ويلات الحرب والدمار. وفي ذات الوقت لا يتورع عن التغني الزائف بالجمهورية والمشروع الوطني.
لا نريد ان يتحول ذلك إلى انقسام مناطقي ولا إلى حالة من المن بما قدمته هذه المحافظة أو تلك. فقط نتمنى التوقف عن قذف الآخرين بشتى التهم لمجرد بروز بعض الاشكالات الأمنية المفتعلة.
داخل تعز ما يكفي من هذه الطوارئ المفتعلة. ونخبة المحافظة لا تقصر في جذب بؤرة الاهتمام المحلي لصراعاتها النكدية.
هناك طارئ جديد. ثمة من يدفع المدينة والمحافظة إلى صراع لم تعرفه منذ التكوين: صراع مناطقي بين أبناء الحجرية وشرعب.
رغم ان ذلك لا يخلو من رداء حزبي ودعم إقليمي، إلا ان تماهي الأطراف المحلية مع هذا المشروع الوضيع والمدمر سيكون أشبه بالسقوط في الوحل.
حينها لن نجد في حفلات الشماتة والتشفي بما يجري من حصار وقتل على يد مليشيا الحوثي من جدار سميك للصد والرد.