كل الأنظار تتجه نحو مدينة الحديدة وميناءها، بعد أن أظهر التحالف العربي عزمه على ما يبدو، دعم الجيش الوطني في عملية تحرير مرتقبة للمدينة والميناء.
ليس هناك من خيارات كثيرة أمام الحكومة والتحالف لتحييد هذه المدينة الهامة التي تحولت إلى قاعدة عسكرية ومنفذ امداد كبير للانقلابيين بالأسلحة المتطورة، التي تأتي ضمن عمليات بالغة التعقيد تدعمها إيران.
فقد رفضت الأمم المتحدة طلباً للتحالف للإشراف على ميناء الحديدة، وتذرعت بأن مهمة الإشراف على الميناء يحتاج إلى العديد من المتطلبات المعقدة. ولكنها للأسف لم تتخل عن دعمها بقاء الميناء مفتوحاً وتحت السيطرة المطلقة للانقلابيين.
يواجه التحالف العربي هجوماً مضاداً يأخذ أبعاداً إعلامية وسياسية وإنسانية، وهناك منظمات تبالغ في تضخيم التداعيات الإنسانية لعملية تحرير الحديدة.
عملت هذه المنظمات وعواصم غربية على بقاء الحديدة بعيداً عن العمليات العسكرية وتم وضع خطوط حمراء عديدة حول المدينة والميناء، لكن هذه الخطوط تتداعى أمام الحقائق التي لم يعد من الممكن إخفاؤها.
لقد أريد بشكل واضح من ميناء الحديدة أن يبقى مصدر تمويل مستدام للانقلابيين مثله مثل البنك المركزي، وعندما اتخذت الحكومة قرارها بنقل البنك إلى عدن، بدأت النتائج تظهر، فها هي الميلشيا تفقد مورداً مالياً، وتفقد معه السلطة المعنوية التي أبقتها نداً للسلطة الشرعية ومتفوقة عليها بمراحل طيلة الفترة الماضية.
ولكنها اليوم تفقد مصداقيتها ونفوذها بسبب عجزها عن توفير المرتبات، إلى حد باتت معه هذه الميلشيا عبئاً ثقيلاً على المواطنين في مناطق سيطرة الميلشيا.
عملت هذه المنظمات وعواصم غربية على بقاء الحديدة بعيداً عن العمليات العسكرية وتم وضع خطوط حمراء عديدة حول المدينة والميناء، لكن هذه الخطوط تتداعى أمام الحقائق التي لم يعد من الممكن إخفاؤها.
على الخلفية ذاتها من الحرص على تأمين مصادر دعم مستدامة للانقلابيين جرى طيلة الفترة الماضية، جرى اعتماد ميناء الحديدة كمينا رئيس لاستيراد السلع ولاستقبال المساعدات الإغاثية طيلة الفترة الماضية.
هذا الإجراء ضمن للانقلابيين ما لا يقل عن سبعة مليارا ريال شهريا من عوائد الرسوم الجمركية والضريبية، وضمن لهم مصدر إمداد هائل من المساعدات الإغاثية التي كانت الميلشيا تمنع وصولها إلى مستحقيها لكي تعيد بيعها والاستفادة من عوائدها وأيضاً لتأمين مصدر إمداد للجبهات ولمقاتليها في تلك الجبهات.
وليس هذا فحسب بل إن المنشآت والبنية التحتية، وخصوصاً التابعة لشركة النفط، تحولت إلى مال مشاع لكبار مستوردي المشتقات النفطية من قادة الميلشيا وأقربائهم، الذين يحتكرون هذه التجارة النشطة ويدرون من خلالها أرباحاً طائلة.
التحالف العربي أمام الضغوط التي تمارس عليه كي لا يمضي قدماً في تنفيذ خطة تحرير الحديدة، أكد أنه “يشاطر الأمم المتحدة القلق تجاه وضع ميناء الحديدة كأحد أهم الموانئ اليمنية لإيصال الإمدادات والمساعدات”. ولكن مصدر قلق التحالف الرئيس يأتي من “كون هذا المنفذ الهام يقع تحت سيطرة الحوثيين، وهو يستخدم الآن لتهريب الأسلحة والبشر”.
هذه المحاججة من قبل التحالف وردت في سياق بيان له أكد فيه أيضاً أن “ميليشيا الحوثي تقوم بالاستيلاء على قوافل الإمدادات والمساعدات الإنسانية وبيعها بأضعاف ثمنها للمواطنين اليمنيين لتمويل عملياتهم القتالية المستمرة للإطاحة بالحكومة الشرعية”..
ولم ينس التحالف الإشارة إلى “وجود موانئ أخرى مثل عدن والمكلا وعدد من المطارات والمنافذ البرية تم تأهيلها وهي مفتوحة لإيصال الإمدادات والاحتياجات الإنسانية”.
المؤشرات الميدانية تؤكد أن هناك عملية عسكرية وشيكة لتحرير ميناء الحديدة، بالنظر إلى انعدام الخيارات خصوصاً مع استمرار عمليات تهريب الأسلحة واستمرار الميلشيا في استغلال موارد الميناء في إطالة أمد المعركة. كل الإمكانيات باتت متوفرة من المعدات العسكرية إلى المقاتلين، ويبقى فقط قرار البدء في عملية التحرير، هذا الأمر لا يكاد يحتمله الانقلابيون، لأنه يندرج ضمن التهديدات الخطيرة لوجودهم، لكن ما من خيارات أمامهم لمواجهة قدر تحرير الحديدة.
المؤشرات الميدانية تؤكد أن هناك عملية عسكرية وشيكة لتحرير ميناء الحديدة، بالنظر إلى انعدام الخيارات خصوصاً مع استمرار عمليات تهريب الأسلحة واستمرار الميلشيا في استغلال موارد الميناء
قواعد اللعبة تتغير بسرعة، وبعد أن كانت الحديدة مصدر تمويل للانقلابيين ها هي على وشك أن تتحول إلى أحد الوسائل المهمة لخنقهم وتهديد وجودهم.