وهي كل ما يقدم للسجين الواحد في كل أربعة وعشرين ساعة مع الماء المتوفر في حنفية الحمام-، ولذلك لم يعتمد السجناء على هذه الوجبات الغذائية الهزيلة ولا تكفي لأن يعيش عليها إنسان ليوم كامل بل كانوا يقومون بتنظيم ما يسمى "الحدرة" أي يقوم كل سجين -وخاصة الذين يحظون بزيارات دورية- بوضع مبلغ من المال الذي يأتيه ويخصص للغذاء -وخاصة وجبة الغداء- ويتم انتداب أحد السجناء لتولي هذه المهمة، وكنا نرسل لشراء وجبتي العشاء والفطور بشكل مستقل من المخبازة القريبة للسجن بواسطة أحد الحراس أو أن بعض الزوار يقومون بشراء الخبز والشاي من المخبازة نفسها وإيصاله عبر الحراسة
ومن الأشياء المحمودة أن صاحب المخبازة كان يقوم بلف الخبز بورق جريدة الأمل "ربما كان يتم ذلك بدون قصد" وهي الصحيفة الأسبوعية التي كانت تصدر حينها في صنعاء، منذ عام 1980، كصحيفة مُعبرة عن الجبهة الوطنية الديمقراطية، بموجب اتفاق ابرم بين قيادة الجبهة وسلطات نظام صنعاء، أثناء جولات الحوار السياسي التي جرت بين الطرفين، ولم يلتزم نظام صنعاء بأياً من نتائجها سوى إصدار صحيفة الأمل لتكون المقابل لصحيفة الصحوة الناطقة باسم التيار الإسلامي "جماعة الإخوان المسلمين" الحليف الفعلي للنظام بدون أعتراف رسمي؛ وكان صاحب الامتياز ورئيس التحرير لصحيفة الأمل، هو المناضل سعيد أحمد الجناحي، ويدير تحريرها علي محمد الصراري، وسكرتير التحرير محمد عبد الرحمن الجميل، ويساهم في تحريرها ويكتب فيها نخبة من مثقفي اليسار اليمني ، وكنا نحرص على الاحتفاظ بأوراق الصحيفة التي تصل إلينا ملفوفاً بها الخبز، ونخفيها عن أعين الحراس والعسس، إذ كان ممنوعاً على السجناء كل وسائل القراءة والإطلاع أو الاستماع، وكنا نقرأ كل ما هو مكتوب فيها، وكانت الصحيفة تنشر مقالات وكتابات فكرية وسياسية واجتماعية واقتصادية ذات مضامين وأبعاد تقدمية وإنسانية معبرة عن توجهات ورؤى قوى اليسار اليمني واليسار عموماً، وكان من ضمن تلك الكتابات موضوعات متسلسلة عن العدالة الاجتماعية، وكانت تنشر باسم كاتب غير معروف هو إبراهيم المهدي، وعرفت فيما بعد أن هذا الكاتب المجهول، كان هو الرفيق الأستاذ علي عبد الفتاح العزعزي، (شفاه الله ومنحه الصحة والعافية واطال بعمره).
ومن الأشياء المحمودة أن صاحب المخبازة كان يقوم بلف الخبز بورق جريدة الأمل "ربما كان يتم ذلك بدون قصد" وهي الصحيفة الأسبوعية التي كانت تصدر حينها في صنعاء، منذ عام 1980، كصحيفة مُعبرة عن الجبهة الوطنية الديمقراطية، بموجب اتفاق ابرم بين قيادة الجبهة وسلطات نظام صنعاء، أثناء جولات الحوار السياسي التي جرت بين الطرفين، ولم يلتزم نظام صنعاء بأياً من نتائجها سوى إصدار صحيفة الأمل لتكون المقابل لصحيفة الصحوة الناطقة باسم التيار الإسلامي "جماعة الإخوان المسلمين" الحليف الفعلي للنظام بدون أعتراف رسمي؛ وكان صاحب الامتياز ورئيس التحرير لصحيفة الأمل، هو المناضل سعيد أحمد الجناحي، ويدير تحريرها علي محمد الصراري، وسكرتير التحرير محمد عبد الرحمن الجميل، ويساهم في تحريرها ويكتب فيها نخبة من مثقفي اليسار اليمني ، وكنا نحرص على الاحتفاظ بأوراق الصحيفة التي تصل إلينا ملفوفاً بها الخبز، ونخفيها عن أعين الحراس والعسس، إذ كان ممنوعاً على السجناء كل وسائل القراءة والإطلاع أو الاستماع، وكنا نقرأ كل ما هو مكتوب فيها، وكانت الصحيفة تنشر مقالات وكتابات فكرية وسياسية واجتماعية واقتصادية ذات مضامين وأبعاد تقدمية وإنسانية معبرة عن توجهات ورؤى قوى اليسار اليمني واليسار عموماً، وكان من ضمن تلك الكتابات موضوعات متسلسلة عن العدالة الاجتماعية، وكانت تنشر باسم كاتب غير معروف هو إبراهيم المهدي، وعرفت فيما بعد أن هذا الكاتب المجهول، كان هو الرفيق الأستاذ علي عبد الفتاح العزعزي، (شفاه الله ومنحه الصحة والعافية واطال بعمره).
من الأشياء المحمودة أن صاحب المخبازة كان يقوم بلف الخبز بورق جريدة الأمل "ربما كان يتم ذلك بدون قصد" وهي الصحيفة الأسبوعية التي كانت تصدر حينها في صنعاء
وكان من ضمن ما نشر في أحد أعداد الصحيفة ووصل إلينا في السجن مقالة رائعة لا زلت اتذكر عنوانها "عن مفهوم الاغتراب في الفكر الماركسي" للكاتب نبيل السروري، ولإعجابي الشديد بتلك المقالة وتأثري بأسلوب الكاتب احتفظت بهذا الاسم في ذاكرتي وبعد الخروج من المعتقل قمت بالبحث عنه وعند الالتحاق بجامعة صنعاء، في النصف الثاني من عام 1988، تعرفت واقعياً على الكاتب الرفيق المرحوم نبيل السروري، المتخرج حينها من قسم الرياضيات... بجامعة صنعاء، من خلال الزميل علوي حسن السقاف، الطالب حينها بالمستوى الرابع بقسم الفلسفة -إذ كنت أنا قد التحقت "حديثاً" بقسم علم الاجتماع، واخترت مواد التخصص الحر من قسم الفلسفة، وحينها قلت للرفيق نبيل السروري: عرفتك يا نبيل قبل أن أراك، لقد كنت رفيقي في المعتقل من خلال مقالتك في صحيفة الأمل، عن مفهوم الإغتراب في الفكر الماركسي.
قلت لرفيقي عرفتك قبل أن أراك لقد كنت معي في المعتقل من خلال مقالتك في صحيفة الأمل
ومن حينها جمعتني بنبيل وعلوي صداقة وزمالة ورفاقه لم ينفصم عراها إلا بموت نبيل يرحمه الله ، والذي كان موته المفاجئ من الفجائع الكبيرة في حياتي، وما تزال ذكراه حية في ذاكرتي على الدوام ، أما علوي ، فما يزال الصديق والرفيق والزميل القريب إلى القلب ،ويحتل مكانته المميزة .. لما يتحلى به من صفات وسجايا قلما أن وجدت في أحدٍ سواه.