ومع ذلك تظهر أصوات هنا وهناك تدعوا إلى ترك حافظ معياد يعمل بل ودعمه وتشجيعه بحجة السيرة المهنية "الناجحة" للرجل وتحقيقه لما يسميه البعض "إنجازات" في تحويل بنك التسليف التعاوني والزراعي إلى كاك بنك الذي تغيرته هويته و أهدافه التعاونية لدعم قطاع الزراعة ليصبح بنكاً تجارياً ينافس صغار الصرافين في أنشطة تحويل النقود ودفع الفواتير ولا شيء غير ذلك.
فلم نعرف لكاك بنك تمويله لأي مشاريع استراتيجية أو استثمارات في البنية التحتية للجمهورية اليمنية. أو حتى أصبح لكاك بنك أي أصول تستحق الإشارة .
ربما يكون أبرز ما حققه كاك بنك هو رفع رواتب منتسبيه وموظفيه الذين سيطرت المحسوبية والمصالح على إختيارهم وعلى حركة ترقياتهم داخل الهيكل المؤسسي لكاك بنك دون أي اعتبار لمعايير الكفاءة والخبرة والأداء.
بعد كاك بنك، إنتقل حافظ معياد لإدارة المؤسسة الاقتصادية اليمنية والتي لم يحقق فيها أي إنجاز يذكر باستثناء الاستفادة الشخصية من سرطان الفساد المتغلغل فيها ، لينتهي به الحال بعدها لمجرد بلطجي يعمل لصالح عفاش أثناء ثورة الشباب في 2011م ويتفرغ بعد ذلك لأنشطة تهريب وغسيل الأموال الخاصة بأسرة علي عبدالله صالح وأركان حكمه.
لنوافق جدلاً أن حافظ معياد قادر من الناحية المهنية "نظرياً" على رسم السياسات والرؤى التي من شأنها إنقاذ الريال اليمني و إيقاف تدهوره أمام العملات الأجنبية . لكن يتبقى السؤال الأهم ، هل ستعطى لمعياد الصلاحيات والسلطة اللازمة لتنفيذ تلك الخطط؟.
خصوصا ً أنه ليس في منصب تنفيذي يمكنه من صنع الفارق على الأرض. فعلى سبيل المثال. هل سيكون لحافظ معياد سلطة على مدير شركة بترومسيلة لتوريد إيرادات النفط إلى حسابات البنك المركزي اليمني بدلاً من إرسالها إلى السعودية ؟ . هل يستطيع معياد إجبار من يدير شركة صافر أن يوردوا مبالغ مبيعات الغاز المنزلي والنفط الخام إلى فرع البنك المركزي في مأرب؟ . هل سيعمل على إيقاف عمليات تهريب وسرقة النفط من حقول صافر وغيرها.
وماذا عن إيردات بقية قطاعات الدولة ؟ هل في مقدور معياد أو حتى من أتوا بمعياد إلى هذا المكان أن يساعدوه لإستئناف عمليات إنتاج وتصدير النفط والغاز المسال ومن ثم تجميع كل هذه الموارد الدولة في بوتقة مالية واحدة.
فيما يتعلق بدور التحالف العربي والشقيقة الكبرى المملكة السعودية ، هل لدى معياد ولجنته تصور عن حلول تكفل إقناع السعودية مثلا لعدم تضييق الخناق على المغتربين اليمنيين واستثنائهم من قرارات السعودة التي قضت على مورد أساسي لضخ العملة الاجنبية التي كان يحولها المغتربون إلى ذويهم في اليمن .
هذا وهل غياب وزير التخطيط يعني أن ليس لديه ما يقوله أو يفعله في إدارة السيولة النقدية التي تأتي عبر المساعدات التي تقدم من المنظمات الأجنبية والمفترض أنها تظهر بشكل أو آخر داخل دورة النقد في السوق اليمني. هل يستطيع معياد ولجنته إقناع التحالف لفك الحظر على المطارات والموانئ اليمنية -خصوصا ً ميناء عدن- وتوريد إيرادات هذه الجهات إلى البنك المركزي والغاء احتكار الفئة المقربة سواء من الحوثيين أو الشرعية لأنشطة استيراد إحتياجات المواطنين. والعمل على استئناف تصدير منتجات البلد من الفواكه والخضروات والسمك.
وماذا عن جانب الإنفاق؟ . ترى هل لدى معياد من الصلاحيات ما يكفي لتغيير عملة الدفع الرواتب لمسؤولي الدولة في الخارج وتحويلها إلى الريال اليمني ؟ . وهل سيكون في إمكانه التأثير على قرارات وزيري الخارجية والمالية لتخفيض عدد الموظفين في بعثاتنا الدبلوماسية واعتماد اجراءات مالية اصلاحية ، لعل من أهمها ايداع كل إيرادات السفارات والقنصليات والملحقيات في حسابات بنكية تدار وتحكم وفق قوانين ولوائح البنك المركزي اليمني ووزارة المالية.
هل سيتمكن معياد من إيقاف صرف رواتب الجيش نقداً وتحويل رواتب الجنود الحقيقيين والموجودين فعلاً في أرض المعركة إلى البنوك وإيقاف نزيف رواتب الجنود الوهميين التي تذهب لجيوب لواءات نافذين في الجيش ليس لهم من الحرب إلا التسمية والموازنات التي يتلقوها.
وماذا عن الطاقة المشتراه والكهرباء التي تولد بملايين الدولارات يومياً رغم امكانية توليدها بأقل التكاليف باستخدام الغاز المسال الذي ينتج في مأرب ويصل إلى بلحاف على بحر العرب عبر أنبوب يمكن مد توصيله منه إلى محطة توليد الكهرباء في عدن بكل سهولة.
ختاماً ، فالنجاح في فرض الممارسات أعلاه سيمكن من يدير الملف الاقتصادي للبلد من السيطرة والتحكم بالسياسات النقدية . وبعد ذلك تطبيق الإجراءات الاصلاحية العاجلة وفق موازنة وخطة واضحة وشفافة قصيرة الأجل لمنع التدهور مجدداً. ووضع خطة أخرى أطول للعودة بالاقتصاد إلى الوضع السابق على الأقل .
مع الأخذ في الاعتبار الفريق من المهنيين والخبراء ذو الكفاءة والنزاهة الذي سيقومون بتنفيذ كل ذلك على أرض الواقع . وإلا فالموضوع لن يكون أكثر من إختراع مناصب جديدة لإعطائها لعاطلين آخرين كما أعطي نفر كثير من قبلهم . وفي الحقيقة أننا لم ننتظر الكثير من الوقت لنشهد تدهوراً جديداً في سعر الريال فهاهو يتخطى حاجز 620 ريال يمني أمام الدولار الأمريكي ولا نعرف كم سيصل الدولار بعد نشر هذا المقال .
رحم الله الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي الذي قال "التجريب بالمجرب خطأ، والتصحيح بالملوثين خطأ مرتين".