قناة بلقيس.. بقعة الضوء في العام الأسوأ على اليمنيين
انقضى عام على انطلاق قناة بلقيس في بثها الرسمي، ويعتبر من أسوأ الأعوام التي مرت على اليمنيين بسبب استمرار التداعيات الانقلابية لمليشيا الحوثي والمخلوع على الحياة العامة ومنها استمرارها في الجرائم ضد الصحفيين والوسائل الاعلامية، وهو ما اضطر طاقم القناة الى الانتقال إلى مدينة اسطنبول التركية بعد اقتحام ونهب مكتب القناة في صنعاء. ويعتبر كثير من الصحفيين والمتابعين ان انطلاق قناة بلقيس في هذه الظروف الحالكة مثل نقطة الضوء في سماء الاعلام اليمني بعد محاولة المليشيا مصادرة كل الوسائل الاعلامية المناوئة لإجراءتها الانقلابية.
يقول عضو مجلس نقابة الصحفيين اليمنيين، نبيل الأسيدي، "في عامها الاول كان نجاحها الأول أيضا، بلقيس اسم لملكة يمنيه نجحت في حكم بلادها وهي الآن اسم لقناة نجحت في نقل معاناة أبناء بلدها، لقد نجحت القناة في أحلك الظروف وأصعبها بل انها أول القنوات التي عانت من فداحة المليشيات بعد نهب واقتحام مكتبها في صنعاء".
ويضيف الأسيدي في تصريحات لموقع قناة بلقيس "كانت المهنيه والاعتماد على زملاء محترفين ومن أبناء المهنة هي الأساس الأول في نجاح القناه، تميز الزملاء في عرض معاناة الأنسان اليمني ونقل اوجاعه والحديث عنها بكل مصداقيه، وقد تكون القناة الوحيدة التي لديها سقف عالي من الحريه ومساحه للرأي الأخر كبرنامج فضاء حر، لقد افتقدت وسائلنا الاعلاميه خلال الفترة الماضيه هذا الأمر وأصبحت صوتا واحدا في تناولاتها لمختلف القضايا، وتميزت بلقيس القناة في السماح بظهور الصوت والرأي الأخر".
ويرى الباحث والمحلل السياسي، فهد سلطان، ان وسائل الإعلام مثلت لاعبا رئيسيا في المشهد اليمني واستطاعت على محدوديتها أن تقدم خطاب تعبوي على الاقل خلال ثورة 2011م, إلا "أنها ومع الأسف لم تكن بحجم المرحلة التي تلت تلك الفترة، ويعود السبب لعدد من الاعتبارات كون تلك القنوات أو أغلبها تتبع أشخاص وجهات وأحزاب, ولم يكن هناك إعلام مستقل ينحاز الى المواطن اليمني انحياز كامل"، حسب تعبيره.
ويؤكد سلطان في تصريحات خاصة لموقع قناة بلقيس "إضافة إلى كون تلك القنوات كانت مساحة الحرية أقل بكثير مما ينبغي، كما أن التنوع كان مفقود إلى حد كبير، وحتى الكوادر الإعلامية المدربة والمؤهلة كانت تتجاذبها الولاءات إلى اللحظة التي كنا أمام أعلام موجه منحاز لمن يتحكم به وليس للناس ولقضايا اليمن الكبرى".
ويضيف "حتى اللحظة وكمتابع أستطيع أن أقول وبكل ثقة أن قناة بلقيس وبفترة قياسية استطاعت أن تستفيد من تجارب القنوات الإعلامية السابقة وتغطي الفراغ وتقدم إعلام مهني ومسؤول، فقد بات المشاهد اليمني يلمس ذلك بشكل كبير ويثق بها وبأدائها اكثر من القنوات الأخرى".
ويعتبر ان القناة ما زالت في بداية المشوار، مضيفا " استطيع أن اقول أن اليمن لديها كوادر مدربة ومهنية وقادرة على المنافسة في سوق الإعلام الكبير على مستوى الداخل والخارج وحتى العالم".
ويتابع فهد سلطان "نريد من قناة بلقيس الكثير وهي قادرة على ذلك، من خلال الاتجاه إلى التوثيق من خلال الافلام الوثائقية فهذا تاريخ مهم، والصحافة الاستقصائية لها تأثير ايجابي ومهم على مختلف الاصعدة, وتستطيع أن تتحول الى مراقب وصانع رأي عام وموجهة للسياسة في اليمن". مشيرا إلى ان القناة متحررة من كثير من القيود وهذا جيد وهو الذي اعطاها فضاء جيد للمناورة والاستقطاب والانطلاق ولكن ذلك لا يزال في البداية ومشوارها لا يزال طويل.
ويعتبر، محمد الأحمدي صحافي ومنسق قانوني لمنظمة الكرامة السويسرية في اليمن، ان "انطلاقة قناة بلقيس جاءت في ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد في اليمن، لكنها رغم ذلك نجحت القناة في إحراز سبق كبير في مضمار العمل الاعلامي المهني، سواء من خلال الأداء المتميز، أو نجاحها في استقطاب كادر يضم كوكبة من أفضل الصحافيين والإعلاميين اليمنيين، أو من خلال التغطية الميدانية الواسعة لأحداث اليمن في مختلف المناطق ووقوفها إلى جانب قضايا اليمنين ونضالاتهم الكبرى في مواجهة كابوس الاستبداد بمختلف صوره، ونقل معاناتهم اليومية المستمرة في ظل سلطات القمع والترهيب المليشاوية الانقلابية التي عملت على عسكرة كل مظاهر الحياة المدنية والسياسية، وحاولت كتم كل الأصوات الناطقة بالحقيقة، وكان لقناة بلقيس نصيب وافر من جرائم القمع، غير أنها واصلت انطلاقتها حتى صارت اليوم تتربع صدارة المشهد الإعلامي اليمني".
وفيما أكد الباحث، نبيل البكيري بأن قناة بلقيس مثلت صوتا ثوريا جاء في لحظته المناسبة كصوت للمقاومة ورافدا إعلاميا صادقا لها. يقول الصحفي غمدان اليوسفي "عام جميل حققتم فيه بتلك الطاقات الجديدة ماعجزت عنه أقدم وأكبر القنوات اليمنية، بهدوء صنعتم اسمكم بحرفية، احترمتم الخبر، وميزتم التقرير التلفزيوني عن الخطابات العاطفية، وصنعتم نجوما تستحق كل تقدير، سواء أولئك الذين هم في الميدان، أو في الاستديو".
ويضيف اليوسفي "ماحققتموه يؤكد أن المال ليس كل شيء، فقد سبق وأن امتلك الكثيرين غيركم مالا أكثر منكم بكثير، ليس الآن، ولكن أتحدث عن تاريخ القنوات الفضائية في اليمن منذ أكثر من عقد من الزمن، وقبلها القنوات الحكومية التي شبعت موتا".