من بين ركام الحرب ورغم كل المآسي التي تعصف ببلدهم، نظّم عشرات الشباب اليمنيين أول مهرجان للطين في العاصمة اليمنية صنعاء، وعبروا بأسلوبهم الخاص عن رفضهم لكل أدوات الاقتتال والعنف.
بمشاركة مجموعة من الفنانين التشكيليين والنحاتين من الشباب والشابات وإشراف مجموعة من المدربين والخبراء في مجال النحت، تم صنع لوحات طينية جمالية، وكان من أبرز عناوينها العريضة إحلال السلام بدلاً من الحرب، وذلك وسط حضور جماهيري واسع.
وبينما كان إبراهيم شماخ، وهو أحد المشاركين في تنظيم المهرجان، ينحت لوحته الطينية في فناء المنتدى العربي للفنون التشكيلية، مكان إقامة المهرجان، قال لـ"العربي الجديد" إن مشاركته عبارة عن "دعوة للسلام"، ويريد من خلالها توجيه رسالة للعالم بضرورة الالتفات إلى ما تعيشه بلاده خلال الوضع الراهن.
وقد توزعت فقرات المهرجان بين التدريب والترفيه وعمل مسابقات تنافسية، كما صاحبها فقرات التصوير بأزياء شعبية يمنية، والرسم على الوجوه، إضافة إلى المعزوفات الغنائية واستاند اب كوميدي، وتخلله بريك دانس، كما خُصص جزء من المكان للأكلات والمشروبات.
رئيس المنتدى، الفنان التشكيلي اليمني ردفان المحمدي، يوضح أن فكرة إقامة هذا المهرجان تتمثل في إنعاش وإثراء الحركة الفنية في اليمن، من أجل إيصال رسالة إلى العالم، مفادها أن اليمن بلد فن وحضارة، غني بالطاقات الشبابية الفنية والإبداعية، وأن قلوبهم وأرواحهم ممتلئة بالسلام والحب، وعقولهم ترجح كفة السلام على كفة الحرب.
يضيف المحمدي أن المنتدى يعكف، خلال الفترة الحالية، على الترتيب لإقامة العديد من الأنشطة المتعلقة بالتدريب على أساسيات رسم الوجوه (بورتريهات)، وجميع أجزاء الجسم (التشريح)، وأخرى خاصة ببرنامج (السينما فور دي)، وأيضاً دورات تدريبية للرسم ضمن برنامج (الدعم النفسي للأطفال)، والتصوير الفوتوغرافي.
أكثر ما يتمناه المحمدي أن تعود المؤسسات الثقافية الرسمية إلى واجهة المشهد الثقافي لتقوم بدورها الثقافي والفني والإبداعي بالتساند مع منظمات المجتمع المدني ذات الطابع الثقافي.
المنسقون والمنظمون للمهرجان بدورهم أكدوا أنه لا تزال ثمة مساحات للفن، وعليهم الحفاظ عليها، وإيصال صوتهم بكل الوسائل الممكنة، وقالوا إن فكرتهم قوبلت بتفاعل لافت، وقدم المشاركون من مختلف محافظات الجمهورية وعكست منحوتاتهم واقع اليمن ورغبتهم في توقف الحرب.
بمثل هذه المبادرة الشبابية، والتي استمرت أربعة أيام متواصلة، يحاول اليمنيون التخفيف من أوجاع معاناتهم، والتعبير عما بداخلهم من مشاعر الحب والسلام، عن طريق إعادة مياه الثقافة والفن والموسيقى إلى مجاريها، بعدما أصبحت لغة الحرب اليومية وتفاصيلها لسان حالهم في كل مكان.
يأتي هذا في الوقت الذي يحذر فيه البعض من مخاطر الحرب على الثقافة والهوية اليمنية وتهديدها بالانقراض، خصوصاً أن الكثير من الموهوبين الشباب يعانون من حالة الجمود والانقسام الواضح في توجيه أعمالهم وإنتاجاتهم الإبداعية سياسياً.