هي منارة مسجد المحضار الطينية الواقعة في مدينة تريم حضرموت جنوب اليمن، والتي بنيت في العام 1333هجرية. لا تزال المنارة شامخة في سماء المدينة حتى اليوم بارتفاع 175 قدماً.
جذبت المنارة على مر السنوات عدة زوّار، ولكن الحال تغير منذ بداية الحرب في البلاد ولم يعد يخطط أحد لزيارتها والتقاط الصور التذكارية إلى جانبها كمعلم مثير للدهشة والتأمل.
وخلال محاولة البحث عن إجابات لعدة أسئلة، ومنها مثلاً السبب الذي جعلها تقاوم الرياح والعواصف وعوامل التعرية الأخرى طوال هذه السنين لتبقى قائمة شامخة، أكد أحد أساتذة وخبراء الآثار في جامعة صنعاء أن المنارة بنيَت وفق الطريقة البدائية أي بالأيدي.
وأضاف "إن مكونات بنائها تحديداً كانت الطين والمدر أو (اللّبن) المختلط بمادة خشبية خفيفة والمأخوذة من نبات أغصان الذرة وجذوع النخيل، وهو ما أضفى عليها نوعاً من التماسك والقوة وعدم التصدع بعد الانتهاء من مرحلة البناء".
طُليت المنارة بعد بنائها بمادة النورة "الجير" وذلك لتحفظها من عوامل التعرية الطبيعية، كالأمطار وغيرها.
وبهذا تكون منارة المحضار والتي تخلو من أي مواد بناء حديثة ومسجدها قد أعطت طابعاً أثرياً لمدينة "تريم" الهادئة والتي تعتبر معقل الصوفية في اليمن، خاصةً وأن أبرز ما يميّزها هو شكلها الهندسي الفريد من نوعه، والذي يعتبر دليلاً راسخاً على عظمة حرفية وقدرات الإنسان اليمني.
ولعل السؤال الأبرز، الذي يتبادر إلى أذهان المراقب: من هو صاحب تلك الهندسة الفريدة من نوعها؟ أما الإجابة بحسب المؤرخين فهي: "عوض سليمان عفيف"، وهو أحد أبناء المدينة يتحدّر من أسرة توارثت مهنة البناء أباً عن جد. كبُر الشاب وراقب تطور المهنة وانتقالها من جيل إلى آخر في العائلة، ليحترف هذه المهنة كغيره من أقرانه وأخوته الثلاثة، خميس،حميد وعبيد الذين شاركوه البناء.
يؤكد أستاذ الآثار، في حديثه ، أن المنارة "تُعبّر عن حذاقة وحرفية البنائين اليمنيين من أبناء المدينة بالإضافة إلى اتساع مداركهم في جانب التصميم المعماري النقي، الذي لا تشوبه شوائب الإبداع المصطنع عبر التماثيل والقوالب التصميمية الحديثة، التي تحد من تراثية البناء، وركود عقليته مقارنةً بالاختراع والتصميم الطيني المبدع".
وفي مبادرة للحفاظ على المنارة التاريخية كمعلم بارز، عمدت السلطات اليمنية خلال الأعوام الماضية إلى إقامة حواجز على جوانب الطريق العام لمنع مرور عربات النقل الكبيرة بمحاذاة المنارة، حتى لا يتصدّع أي جزء منها، وذلك ضمن خطة حماية واسعة للمعالم.
وقد شهدت منارة المحضار ومعها الكثير من البيوت والمعالم الطينية بالوادي والصحراء في مدينة خلال، في الآونة الأخيرة، اهتماماً متزايداً من قبل المنظمات الدولية المهتمة بالتراث والجمعيات التراثية المحلية والعالمية، كما أُجريت العديد من البحوث حولها وحول طبيعة خصائصها المعمارية.