محمد عبد الملك :
الحيوانات في تعز اليمنية المحاصرة تتضور جوعاً، وفي أحد أركان حديقة الحيوان بالمدينة المهجورة والمهملة منذ أكثر من عام قام فهد يائس بأكل فهد آخر من شدة الجوع، هذه ليست جملاتعبيرية لمقال إنشائي ولكنها حادثة واقعية موثقة.
يقول المشرفون عن الحديقة لـ"العربي الجديد" إنهم اضطروا خلال أزمة الحرب في البلاد إلى تجويع أكثر من 280 حيواناً في الحديقة، وذلك نتيجة انعدام الغذاء والماء والرعاية الطبية اللازمة لهم.
"في مدينة تعز وحدها تصوم الحيوانات وتدفع ثمن صراعات وحروب البشر"، ذلك ما قالته شانتال جوكرجوا مندوبة جمعية المتطوعين SOS. وأضافت لصحيفة "ميرور" البريطانية أنهم في الجمعية يبذلون جهودا للمساهمة في عملية إنقاذ بعض الحيوانات، ولكن يبدو أن المهمة ستكون شاقة وتتطلب الكثير من الدعم على أرض الواقع والأموال أيضاً لحفظ حياة الحيوانات ومساعدتها في البقاء على قيد الحياة.
في سابقة وبطريقة الموت البطيء، فارق بعض أسود الحديقة الحياة وهي واقفة داخل مربعات أقفاصها امام أعين مشرف الحديقة، وهو يؤكد "لقد مات بعد أن عجزنا عن إعطائها مخصصاتها من لحوم التغذية".
وماتت أيضاً، ما يقارب 5 من النمور العربية النادرة، من شدة الجوع من أصل 31 نمرا بحسب مدير حديقة الحيوان شوقي الحاج. وبقي الان 26 منهم، ويحاول جاهداً أن يحافظ على تأمين العيش لهم رغم الوضع المزري وذلك لندرتها وأهميتها.
كل الجهود المبذولة تسعى لإنقاذ 20 أسدا و26 نمرا باقية على الأقل داخل أقفاص الحديقة وذلك قبل أن تتحول لآكلة لحوم البشر، حيث تضم الحديقة أيضاً الضباع، والمها، والثعابين والتماسيح والبابون، البوم، الببغاوات، النعامات، الصقور، الحدأة والنسور.
تلك الحيوانات التي اعتقلت ووضعت في الحديقة لتكون مصدرا لسعادة الأطفال أصبحت الآن بأمس الحاجة إلى من يسعدها ويوفر لها فرصة الحياة، خصوصًا بعد أن توقفت الإيرادات التي كانت تحصل عليها الحديقة؛ وهو ما أدى الى عجز في شراء مواد التغذية واللقاحات والمبيدات اللازمة.
مطلع الشهر الحالي، قام مسؤولون محليون من مكتب المحافظة بزيارة الحديقة ووعدوا المشرفين بمحاولة معالجة بعض المشاكل، وحل المعوقات الماثلة بكل الطرق الممكنة رغم شحة الإمكانيات لكنه حتى الآن لم يصلهم شيء، والمخاوف تتوسع يوما بعد آخر بحسب المشرفين على الحديقة الذين تتقطع قلوبهم وهم يرون هذه المأساة ولا يستطيعون فعل شيء.
وتقع الحديقة على المدخل الشرقي لمدينة تعز، وهي منطقة أقرب إلى جغرافيا الأطراف التي يسيطر عليها الحوثيون. وعلى امتداد الأشهر الماضية تعتبر الحديقة شبه مغلقة، ولم يعد يفكر أحد بزيارتها أو تسلية أطفاله الصغار.