مهمة لا تزال الصحافة تنوء بحملها في وسط هذا الكم الهائل من التحديات التي تواجه الصحفيين وبالأخص في منطقتنا العربية التي تشتعل الحروب في وسطها وخاصرتها وتحاصر أقطارها من كل صوب.
يفقد الصحفيون أرواحهم ثمناً لإيمانهم بالحرية والتعددية، استهداف الصحفيين لا يقع فقط في خطوط التماس، بل يلحقهم إلى المنازل ويفتك بهم في السجون، مصيبة لا يداويها الاحتفاء بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة؛ أو تقييم حال حرية الصحافة، بل الدفاع عن الصحافة والصحفيين والتذكير الذي لا ينقطع بتضحيات الصحافيين.
بالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة أطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس صرخة في فلاة عندما طالب بقادة يدافعون عن حرية الإعلام..
فيما لا تكف اليونسكو عن اعتماد الوثائق والإعلانات وآخرها الوثيقة المفاهيمية لاجتماع جاكرتا الصادر هذا العام بالتزامن مع حلول اليوم العالمي لحرية الصحافة.
لكنه كإعلان صنعاء بشأن تعزيز استقلال وتعددية وسائل الإعلام العربية، الذي صدر في يناير ألف وتسعمائة وستة وتسعين، ليس سوى صيغ نظرية لا تسعف أولئك الذين باتوا يشكلون الحلقة الأضعف في الصراعات والحروب.
ففي صنعاء لم يعد هناك مجالٌ لأن تعقد اليونسكو اجتماعاً آخر، فحرية الصحافة في هذه المدينة ذُبحت من الوريد إلى الوريد، أغلقت الصحف وحجبت المواقع الإليكترونية وهجرت القنوات، وأصبحت صحافة صنعاء تصدر عن فكرة ميلشياوية صارخة.
صحافة الرأي الأوحد هذه هي من يؤجج اليوم النزاعات ويعمقها ويغذي الحروب بحماس المتهورين، حينما يعظم المهمة الحربية للعصابة ضد الدولة والشعب والخيارات الراسخة لليمنيين.
عادة ما تأتي المناسبات لتكشف عن الجانب المشرق وما احرزه العالم من نجاح في حقل ما لكنها في اليمن وفي زمن المليشيا تأتي بوجه أخر وجه يحمل من المأساة والسوداوية ما يعيد الى الآذهان فصول من المعاناة الغابرة.
حيث لم يسبق لجماعة ان وضعت الصحفيين دروعا بشرية في أماكن عسكرية مستهدفه إلا هذه المليشيا التي تفننت في ابتكار أساليب وحشية للانتقام من أناس لا ذنب لهم سوى البحث عن المعلومة ونقل الخبر.