وأكد الدكتور بن دغر في الكلمة التي القاها على ضرورة تطوير مستوى التبادل التجاري بين الدول العربية و ألمانيا وفتح آفاق جديدة للتعاون بما يعزز المصالح المشتركة بين العرب والالمان.
نص الكلمة:
من دواعي سروري أن أكون معكم اليوم في برلين للمشاركة في اعمال الملتقى الاقتصادي العربي الألماني العشرون وخصوصا في وجود هذه النخبة من الاقتصاديين والدبلوماسيين ورجال الاعمال العرب والألمان، وبمشاركة مهمة من أشقاءنا في سلطنة عمان، وانتهز هذه الفرصة لأنقل لكم تحيات الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية لأعمال المؤتمر، كما أتقدم بالشكر للحكومة والشعب الألماني على الدعم والمساندة التي تلقتها اليمن على مدى مراحل تاريخية تعود الى عقد الستينات من القرن الماضي من خلال المساعدات التنموية التي توزعت على امتداد مساحة وجغرافية اليمن.
لقد شاءت الاقدار لبلدينا أن يكون التاريخ الى جانبهما وان تستعيد اليمن وحدتها مثلما استعادتها ألمانيا في العام 1990م، وبينما نتابع بغبطة وارتياح ما حققته ألمانيا في الاندماج الوطني والسلم الاجتماعي وتجاوز التحديات التي صاحبت عملية الوحدة فإننا بكل أسف نعايش وضعاً مأساوياًفي اليمن نتيجة للصراعات السياسية والرغبة في الاستحواذ على السلطة والثروة من قبل مجموعات انقلبت على الشرعية واستولت عنفاً على العاصمة وأجزاء من الدولة و لا تؤمن بالشراكة ولا ترى اليمن الا من خلال وجودها في السلطة.
إننا نؤكد هنا عزمنا على تعميق العلاقات اليمنية الألمانية، والألمانية العربية، إن رقم (50 مليار يورو) في التبادل التجاري ليعبر عن عمقاً آخر في العلاقات بين العرب والأمان، وهو الأمر الذي نلتزم بتطويره مستقبلاً.
أصحاب المعالي والسعادة
السيدات والسادة
تعرفون بان تأثيرات التحولات في عام 2011م في أكثر من دولة عربية قد أخذت أبعادها أيضاً في اليمن، وكان للأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي والأصدقاء في العالم ومنهم ألمانيا دوراً رئيسياً في أن نذهب في اليمن الى الحوار وفقا لمبادرة مجلس التعاون الخليجي وخضنا بعد انتقال السلطة في 2012م حواراً وطنيا شاملا لنحو عام تم فيه مناقشة جذور وأبعاد المشكلة اليمنية في الداخل وعلاقتها مع محيطها العربي ، وخرجنا برعاية واشراف الأمم المتحدة والأشقاء في الخليج العربي بوثيقة سياسية شهد عليها العالم بل اجتمع مجلس الأمن بكامل أعضاءه في العاصمة صنعاء لمباركة ودعم هذه الوثيقة الهامة في التاريخ اليمني الحديث.
من خلال هذه الوثيقة التاريخية التي شارك في صياغتها كل القوى السياسية الفاعلة في اليمن بما في ذلك الحوثيون وأركان نظام الرئيس السابق تم الانتقال الى المرحلة التالية وهي مرحلة إعداد مشروع دستور جديد للجمهورية اليمنية وهو المشروع الذي شاركت كل القوى السياسية بما فيها أيضا الحوثيون وأركان نظام الرئيس السابق في صياغته، واستلهمنا لذلك الاستشارة وخبرة العديد من دول العالم وعلى رأسها ألمانيا الى أن تم التوافق والاتفاق على مشروع دستور يكفل قيام يمن اتحادي يبتعد عن المركزية السياسية التي دمرت اليمنويضمن التوزيع العادل للثروة والسلطة بين كل اليمنيين.
مع الأسف كل ما يدور الآن من صراع وحرب هو نتيجة الانقلاب على هذه التوافقات اليمنية ففي اليوم الذي حُدد لتسليم مشروع الدستور في سبتمبر 2014م والبدء في إجراءات طرحة على الاستفتاء الشعبي واجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية على ضوء ذلك تم الانقلاب على الإجماع الوطني والاستيلاء بقوة السلاح على مؤسسات الدولة فقد اجتاح الحوثيون والقوات الموالية للرئيس السابق المؤسسات الحكومية ووضع الرئيس عبدربه منصور هادي والحكومة التوافقية تحت الإقامة الجبرية إلى أن تمكن الرئيس من الانتقال إلى عدن لكن الانقلابيين لم يكتفوا بالسيطرة على مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء بل بدأوا في اجتياح المدن اليمنية ومهاجمتها عسكرياً ووصل الأمر بهم إلى قصف مقر إقامة الرئيس في مدينة عدن بالطائرات الحربية وذهبوا أبعد من ذلك عبر تنفيذهم مناورات عسكرية على حدود المملكة العربية السعودية بدوافع إدخال اليمن في صراعات إقليمية تقف ورائها جمهورية إيران الإسلامية و حزب الله اللبناني وهو ما دفع الرئيس إلى الطلب من الأشقاء في المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الوقوف مع اليمن ومع مؤسساته الشرعية للعودة الى المسار السياسي التوافقي الذي أجمع علية اليمنيون والذي شهد علية اشقائنا في دول مجلس التعاون الخليجي وأكدته قرارات جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وقرارات مجلس الأمن ومنها القرار رقم 2216 الذي أكد إلى عودة الشرعية السياسية والالتزام بالمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني الشامل.
وبناءً على كل هذا تشّكل التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ومعها دولة الامارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون، ومعظم الدول العربية لاستعادة الدولة ومؤسساتها الشرعية في اليمن واستكمال مسار الحل السياسي التوافقي، بالنسبة لنا في الحكومة الشرعية فإن وحدة اليمن وأمنها واستقرارها قضية جوهرية.
أصحاب المعالي والسعادة
السيدات والسادة
دعوني أوضح لكم صورة الأوضاع في اليمن، نحن كدولة ومؤسسات شرعية لم نسعى للحرب ولا نريد للحرب ان تستمر، نحن دعاة سلام ولكننا نريد سلاما عادلاً وسلاماً شاملاً، سلاماً ينهي الصراع ، لكن هذا السلام يتطلب وجود أطراف مسؤولة، أطرافاً تقيل ببعضها البعض وتقبل بالإجماع الوطني وتتخلى عن الأوهام الإلهية المذهبية في الحكم، نحن ملتزمون بالمسؤولية تجاه معاناة شعبنا لكن الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق وسياستهم وسلوكهم الغير مسؤولة أوصلوا اليمن إلى هذا الوضع المأساوي إضافة الى تهديدهم للملاحة الدولية وسلامة نقل السلع والبضائع في الممرات البحرية في خليج عدن وباب المندب والبحر الأحمر.
اليمن بموقعه الاستراتيجي وجغرافيته وتنوع موارده وبتاريخه الحضاري والإنساني ليس فقيراً لكن من جعل منه فقيراً هي الإدارة الغير كفؤة والتسلط من قبل مجموعات وشخصيات لا علاقة لها بمسؤولية بناء الأوطان.. اليمنيون كانوا ولايزالون حاملين رسالة إيجابية وبناءة في بلدهم و أينما حلوا في العالم.
وفي إطار جهود الحكومة اليمنية لتخفيف المعاناة الإنسانية في بلادنا شاركت بمؤتمر جنيف الدولي لدعم أعمال الإغاثة الإنسانية في اليمن وسعينا فيه الى حث اشقائنا واصدقائنا على المساعدة لتخفيف معاناة شعبنا، كما انعقد الأسبوع الماضي في الرياض مؤتمر دولي تحت عنوان " التعافي وإعادة الاعمار في اليمن" بمشاركة ممثلين عن أكثر من خمسين دولة ومنظمة وصناديق ومؤسسات مالية، وقد خرج المؤتمر بقرارات تستهدف دعم ثلاث جوانب رئيسية هي الأزمة الغذائية والأمن الغذائي، الاحتياجات العاجلة لدعم الميزانية اليمنية بالإضافة الى دعم عملية التعافي الاقتصادي وإعادة الاعمار.
وعلى الرغم من كل التحديات والصعوبات ومحدودية الموارد نعمل على إعادة بناء الاقتصاد الوطني واستعادة المؤسسات الاقتصادية والمالية من أيدي الانقلابيين الذين عبثوا فيها وتسببوا في افلاسها، بما في ذلك البنك المركزي ومؤسسات الضمان الاجتماعي والتأمينات.
إن حجم الاعمال والتحديات التي تواجهنا في الحكومة اليمنية كبيرة جداً أمام المعاناة والأوضاع الإنسانية و أنتشار الأوبئة، كمرض الكوليرا، حيث نهبت المليشيا مخصصات الصحة و النظافة لصالح الحرب خصوصا في ظل السلوك والسياسة العدوانية للمليشيات الحوثية التي شملت الكثير من المدن والمناطق بداية من صعدة وصنعاء وعدن ووصولاً إلى تعز التي تشهد منذ عامين حصاراً خانقا شمل منع الماء والمواد الغذائية والأدوية عنها بل وصل الامر أيضا الى منع المليشيات الحوثية لمفوض الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية من الوصول الى المدينة المحاصرة.
أصحاب المعالي والسعادة
السيدات والسادة
تعمل الحكومة اليمنية على تحمل مسؤولية استعادة الدولة حتى يعود الإستقرار إلى اليمن ، وتصبح اليمن عامل استقرار لها ولجيرانها وللعالم، إن الانقلاب الحوثي وفر بيئة مناسبة لعناصر القاعدة وداعش للانتشار والتوسع وهي تحاول أن تضرب أمن المناطق التي تقع تحت سيطرة الشرعية، فالجميع يعلم تماماً أن الفراغ السياسي يوفر للجماعات الإرهابية الفرصة والقدرة على تهديد السلم الاجتماعي الوطني ويشكل تهديداً للمنطقة والعالم. وقد استطعنا بعون الاشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودول التحالف العربي من دحر التنظيمات الإرهابية من محافظات حضرموت، شبوة، ابين ولحج والتي كانت قد وسعت نشاطها هناك بسبب الأوضاع التي تسبب فيها الانقلابيون الحوثيون والرئيس السابق.
لقد بدأنا في إعادة الاعمار بمواردنا الذاتية وبمساعدة أشقائنا وأصدقائنا في العالم واستعاد البنك المركزي نشاطه من عدن العاصمة المؤقتة لليمن وبدأنا أيضا في استعادة النشاط الاقتصادي والعمل على إعادة الاستقرار الى المناطق الخاضعة للشرعية وهي تشكل أكثر من 80% من مساحة الجمهورية اليمنية و 60% من السكان ولا زلنا نعول على تحقيق السلام وعلى جهود الأمم المتحدة في هذا الجانب من أجل أن يعي الانقلابيون أن عليهم التوقف عن تصرفاتهم الطائشة والغير مسؤولة وأيضا من أجل خدمة الاستقرار في اليمن وفي المنطقة والعالم.
ونحن نشارك في هذا الملتقى الاقتصادي نستطيع ان نؤكد بأننا ماضون في واستعادة الشراكة مع القطاع الخاص المحلي والعربي والأجنبي الذي نعول علية في الإعمار واستعادة الاقتصاد اليمني لعافيته. اليمن بلد يتطلع للمستقبل واليمنيون يطمحون إلى التعليم والعمل وحياة أفضل ونعول في ذلك على دعم الأشقاء والأصدقاء من أجل أن يعود اليمنيون الى ممارسة حياتهم الطبيعية كغيرهم من شعوب المنطقة، ونوجه لكم الدعوة للتعرف على اليمن وامكاناته الاقتصادية ومشاريع إعادة الاعمار ولدينا الرغبة في أن يكون للمؤسسات العربية والألمانية دوراً رئيسياً في تنفيذها.
لقد بدأنا في تنفيذ خطط عاجلة لاستعادة الخدمات و تنفيذ مشاريع صغيرة في معظم المناطق التي تقع تحت سيطرة الشرعية، و ها نحن ندعوكم لمشاركة أوسع في خطة إعمار أكبر، هناك إمكانية كبيرة للتعاون في قطاعات اقتصادية مهمة كالنفط والغاز والمعادن الأخرى والسياحة والنقل، فضلاً على أن اليمن تتمتع بموقع استراتيجي، وتمثل عدن في حد ذاتها نقطة خدمة هامة للاستثمار.
وفي الأخير أتقدم بجزيل شكري لغرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية على الدعوة لحضورالملتقى واللقاء بهذا الجمع الذي يمثل نخبة صناع القرار والخبراء والاختصاصين ورجال الاعمال العرب والألمان، كما أن هناك واجباً علينا إزاء الزميل والصديق د. عبدالعزيز المخلافي الأمين العام للغرفة التجارية والصناعية العربية الألمانية .
حضر افتتاح الملتقى نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية عبدالملك المخلافي ووزير الشئون القانونية الدكتورة نهال العولقي وامين عام مجلس الوزراء حسين منصور و سفير اليمن في ألمانيا الدكتور يحيى الشعيبي.