كما حذر «العتيبة»، في تلك المذكرة، التي سرب نصها موقع «إنترسبت» الأمريكي، من أن هذا الأمر له تداعيات سلبية على صورة أبوظبي في الغرب وعلاقاتها، ولا سيما مع واشنطن، مقدما توصيات لتجاوز تلك التداعيات.
ففي خريف عام 2015، أرسل «العتيبة» مذكرة عبر البريد الإلكتروني إلى مجموعة من المسؤولين رفيعي المستوى في حكومته، قال فيها إن الحرب في اليمن، أصبحت «كابوساً» لصورة بلاده وعلاقاتها العامة.
وفي حين أشار العتيبة في مذكرته إلى أن الإدارة الأمريكية برئاسة «باراك أوباما»، آنذاك، ما زالت تبدي دعمها على مضض، لفت إلى أن الحملة العسكرية الجارية بقيادة السعودية في اليمن، تضر بسمعة الإدارة الأمريكية، وبالتالي تضع بلده، المشارك الفاعل والمتحمس في الحرب، في موقف حرج.
المذكرة التي توثق مخاوف «العتيبة»، أُرسلت في 22 سبتمبر 2015، إلى مجموعة واسعة من صناع القرار في الإمارات.
إذ تم إرسالها بالبريد الإلكتروني إلى الأمين العام المساعد لمجلس الأمن القومي الأعلى، «علي الشامسي»، ووكيل ولي العهد، «محمد مبارك المزروعي».
كما مرر «العتيبة» المذكرة ذاتها إلى «خلدون المبارك»، وهو مسؤول بارز في الإمارات، ومقرب من ولي عهد أبوظبي «محمد بن زايد»، وأبلغه بأنه أرسل المذكرة نفسها إلى «ط ب ز»، و«ع ب ز»، و«الدكتور أنور»، في إشارة إلى وزير خارجية الإمارات للشؤون الخارجية والتعاون الدولي «عبدالله بن زايد آل نهيان»، و«طحنون بن زايد»، وهو مصرفي إماراتي رفيع المستوى؛ ووزير الدولة للشؤون الخارجية «أنور محمد قرقاش».
وأبدى «العتيبة»، في المذكرة، مخاوف صارمة بشأن الحرب في اليمن، والوضع السياسي يترتب على تداعياتها.
وكتب يقول: «خلال سلسلة من المحادثات الطويلة مع المسؤولين في البيت الأبيض، أصبح من الواضح لدي أن الخسائر البشرية والأضرار الجانبية التي تحدث في اليمن تحشر الإدارة (الأمريكية) في زاوية سياسية».
وأقرّ «العتيبة» صراحة بأن «الاستهداف المتزايد للمواقع المدنية (في اليمن) مع الافتقار إلى الدعم الإنساني بات يُترجم إلى عوائق مع واشنطن».
ولجأ العتيبة إلى إرسال مذكرته، لتوضيح أنّه «لا يقترح تعديل الاستراتيجية»، بل الإشارة إلى ضرورة أن تنخرط الإمارات والسعودية في هجوم دبلوماسي مضاد لإصلاح صورتيهما، بما في ذلك من خلال الاجتماع مع وسائل الإعلام والأكاديميين والمنظمات الإنسانية غير الحكومية.
نص الرسالة:
ترجمة للمذكرة إلى العربية:
السادة الأعزاء
أكتب هذه المذكرة كمحاولة لشرح الحساسيات السياسية المتعلقة باليمن مؤخرا.
خلال سلسلة من المحادثات الطويلة مع المسؤولين في البيت الأبيض، أصبح من الواضح عندي أن الخسائر البشرية والأضرار الجانبية التي تحدث في اليمن تحشر الإدارة (الأمريكية) في زاوية سياسية.
إن الاستهداف المتزايد للمواقع المدنية (في اليمن) مع الافتقار إلى الدعم الإنساني بات يُترجم إلى عوائق مع واشنطن.
إذ باتت الإدارة تُصنف كمتواطئة مع التحالف (العربي) فيما يتعلق بالمعاناة الإنسانية (في اليمن).
وبينما تواصل الإدارة دعمها فإن النغمة التي باتوا (أي: المسؤولين الأمريكيين) يكررونها هي الإحباط المتزايد.
لقد باتت الضغوط المتزايدة من قبل وسائل الإعلام وجماعات حقوق الإنسان تصنع موقف لا يمكن أن تدافع عنه الإدارة.
إن غياب الشفافية من الجانب السعودي يتزيد الأمر ارتباكا.
وبينما لا اقترح تعديلات على الاستراتيجية، أوصى، على الرغم من ذلك، بأن نكون على دراية بدوافع تلك الحساسيات.
وأقدم هنا خطوات قليلة مفيدة في مواجهة التحديات على المدى القصير، وهي:
1- تنظيم اجتماع في نيويورك مع المنظمات الإنسانية غير الحكومية يستضيفه وزير الخارجية السعودي بالتعاون مع الأمم المتحدة، لإضفاء الشرعية على الاجتماع.
2- إعطاء دفعة جديدة لاستئناف الحوار السياسي (في اليمن) على أساس القرار الأممي 2216.
3- زيادة التعاطي مع وسائل الإعلام والأكاديميين لشرح أسباب تواجدنا في اليمن مع إبراز الدور الإيراني في هذا البلد.
4- أحث -على الأقل مؤقتا- على الحذر عند اختيار أهداف عسكرية، وهذا ينطبق على القوة الجوية السعودية التي من الواضح أنها تقف وراء معظم الضرابات العشوائية (في اليمن).
اعتقد أن توظيف تلك الاقتراحات معا يمكن أن يساعد على الأقل في تخفيف الضغوط المتصاعدة في واشنطن.
في النهاية من المهم أن يكون معلوما أنه بينما تحظى القوات المسلحة الإماراتية بإشادة على نحو واسع في واشنطن، وينظر إليها بإعجاب، خاصة من قبل خبراء الجيش والأمن القومي، فإنه –في الغالب- يُنظر إلينا في المقابل كمجرمين بسبب المشاركة مع السعوديين سياسيا.