ورغم توقف المعارك هذا الاسبوع، تجوب شوارع الحديدة التي تضم ميناء حيويا، آليات عسكرية تحمل على متنها مسلحين حوثيين.
وجلس مسلحون بين سلاح مضاد للطائرات على سيارة رباعية الدفع، بينما عمد مسلحون آخرون إلى حمل قاذفات "آر بي جي" على أكتافهم وهم يقودون دراجاتهم النارية في الشوارع، في وقت يحاول المدنيون تجاوز تبعات المعارك العنيفة والخروج للتبضع والعمل.
وقالت فاطمة علي (45 عاما) "كلما أعلنوا عن هدنة، يحدث الاسوأ. الوضع هذا طال كثيراً والحرب طالت أكثر".
"وأضافت ربة المنزل وهي أم لخمسة أطفال "أنا قلقة على اطفالي. أتوقع ان تتوقف المعارك لفترة معينة، ثم تعود من جديد".
وتعيش فاطمة في غليل وهو حي ملاصق لمستشفى الثورة في جنوب المدينة حيث دارت معارك على مدى اسبوعين، بين الاول من تشرين الثاني/نوفمبر والاحد الماضي.
ودفعت المعارك عشرات من الموظفين ومن المرضى في المستشفى إلى مغادرته، بينما قالت الامم المتحدة أن الاشتباكات عرضّت حياة أطفال يتلقون علاجا في المستشفى للخطر، يعاني بعضهم من سوء التغذية.
الهجوم الاخير
وأوقفت القوات الحكومية حملتها لاستعادة السيطرة على المدينة المطلة على ساحل البحر الاحمر هذا الاسبوع، بعد معارك عنيفة منذ بداية الشهر خلّفت نحو 600 قتيل، في ظل دعوات دولية لوقف اطلاق النار وعدم التعرض لميناء المدينة الحيوي.
ولم تكن هذه المرة الاولى التي توقف فيها القوات الحكومية حملة عسكرية باتجاه المدينة، حيث أنها اطلقت في حزيران/يونيو الماضي هجوما سرعان ما علّقته إفساحا في المجال أمام المحادثات السياسية.
بالنسبة إلى يونس أحمد (38 عاما)، المدرّس الذي يعيش قرب الخط الساحلي في غرب المدينة، فإن على السكان أن يحافظوا على أملهم بنهاية قريبة للحرب رغم أن القتال قد يندلع من جديد.
وقال الأب لثلاثة أطفال الذي يعيش مع عائلته في منزل يبعد كيلومترات قليلة عن دبابات وآليات التحالف العسكري والقوات الحكومية "أتمنى أن تكون المرة الاخيرة. أصعب شيء هو أن أشرح لاولادي هذا الوضع".
وأضاف "الواقع يقول ان هذه الحرب ستطول، والقتال يعود مرة اخرى. لكن يجب ان نتفاءل، كما هو الحال في كل مرة. نتمنى أن يكون الهجوم الاخير".
وكانت القوات الحكومية أكدت أنها سترد على أي هجوم تتعرض له، رغم وقف محاولة التقدم في المدينة.
وأعادت الخميس المتاجر والمدارس في الاحياء القريبة من جبهات القتال في شرق وجنوب المدينة الى فتح أبوابها من جديد غداة الاعلان عن توقف الهجوم العسكري.
وكان المقاتلون الموالون للحكومة سيطروا الاسبوع الماضي على مستشفى 22 مايو، الاكبر في المدينة والواقع في قسمها الشرقي، قبل أن يتقدموا نحو أحد الاحياء السكنية وتندلع حرب شوارع.
والاشارة الوحيدة الى وجود المتمردين في المستشفى قبل سيطرة القوات الحكومية عليه تتمثّل في ملصق على أحد الجدران يحمل شعارهم وهو "الله اكبر، الموت لامريكا، الموت لاسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للاسلام".
حل سياسي
ويقول مروان عبد الواسع أحد سكان الحديدة أنه يأمل التوصل إلى حل سياسي قبل ان تحلّ "كارثة" جديدة بالمدينة.
وأوضح "نتمنى ان تتوصّل الاطراف المتحاربة الى اتفاق سياسي بتسليم المدينة وتجنيبها الدمار والحرب".
وتمر عبر ميناء الحديدة الحيوي غالبية المساعدات والمواد الغذائية التي يعتمد عليها ملايين السكان، وفقا للامم المتحدة.
وقال المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي ديفيد بيزلي خلال زيارة للحديدة هذا الاسبوع "علينا أن نحمي هذا الميناء بكل السبل لكي يعمل بأعلى قدرة ممكنة، وإذا لم نفعل ذلك فإن الناس سيموتون".
ومع اشتداد المعارك في الحديدة، توالت الدعوات من قبل الدول الكبرى وفي مقدمها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لوقف اطلاق النار وعقد محادثات سلام في تشرين الثاني/نوفمبر الحالي أو قبل نهاية العام، وبرعاية العام المتحدة، على أن تستضيفها السويد.
والخميس، أيّد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي هذه المحادثات.
لكن متحدثا باسمه نقل عنه ان "معركة اليمنيين لتحرير الحديدة أمر لم يعد منه مفر، سلماً أم حرباً".