ويخشى الأهالي من انفجار الأوضاع داخل شوارع صنعاء وأحيائها وأزقتها، ويرى بعضهم تلك المعارك المحتملة بمثابة كارثة سوف تطاول عدداً كبيراً من المدنيين في ظل تردي الأوضاع المعيشية لدى المواطنين وعدم قدرة الآلاف على النزوح.
عبد الله البدوي من هؤلاء المواطنين القلقين والخائفين في هذه الأيام، بعدما ترك عددٌ كبيرٌ من جيرانه المدينة وتوجّهوا إلى ريف صنعاء والمحافظات التي لا يُتوقّع أن تحدث فيها مواجهات مسلحة. يقول "نعيش أجواء مشابهة لتلك التي عشتها في مدينة أبين عندما سيطر تنظيم القاعدة عليها في عام 2012. رعب في كل مكان، والجميع في الشارع يتعرّض إلى التفتيش.
كذلك يُصار إلى التحقق من الهواتف". ويشير إلى أنّ "مداهمة المنازل ومخاوف المواطنين من اندلاع حرب شوارع وشيكة داخل صنعاء، تجعل كثيرين يغادرون منازلهم في اتجاه مناطق أكثر أماناً".
والبدوي غير قادر على المغادرة، خوفاً على منزله ولعدم توفّر مأوى بديل، على الرغم من المخاطر. يضيف: "أستعد لأيّ أوضاع سيئة محتملة في صنعاء من خلال تخزين المواد الغذائية وحاجياتنا الأساسية، خوفاً من محاصرة صنعاء وتعرّض المواطنين إلى الجوع بعدما أعلنت الحكومة الشرعية فتح جبهات قتال جديدة تمهيداً لاقتحام صنعاء وطرد الحوثيين منها".
ويخبر البدوي كيف أنّه يتلقّى اتصالات من أفراد أسرته في الريف للاطمئنان عليه بسبب "أوضاعنا البائسة في صنعاء والتي لم تحدث من قبل"، وكيف أنّهم يطلبون منه مغادرة صنعاء مبدين استعدادهم لاستقباله مع أفراد أسرته في منازلهم.
من جهتها، اتخذت أم البراء محمد قرارها بالنزوح إلى ريف محافظة تعز. وتتحدث قائلة "زوجي خارج اليمن لإكمال دراساته العليا، وأنا أشعر بخوف كبير على أطفالي في حال اندلعت مواجهات مسلحة داخل شوارع صنعاء".
تضيف: "عشنا أياماً صعبة خلال الأيام الماضية في أثناء اندلاع المواجهات المسلحة في منطقة حدة (في صنعاء) على الرغم من أنّ منزلنا بعيد عن موقع المواجهات. لكنّ تبعات المعارك طاولتنا ولم نستطع الخروج من المنزل لأيام".
وتشير أم البراء محمد إلى أنّ "الوضع كان سيئاً على الرغم من أنّ المواجهات كانت بعيدة. واليوم سوف تكون الأمور أكثر سوءاً لو دخلت قوات الشرعية إلى صنعاء من جهة مديرية نهم".
وتتابع أنّه "من الصعب عليّ كأنثى وعلى أطفالي العيش في مثل هذه الظروف لوحدنا. من يخرج لتأمين حاجاتنا وتوفير متطلباتنا في حين أنّ زوجي خارج البلاد؟ لذا اتفقت معه على المغادرة إلى الريف، على الرغم من تبعات الأمر السلبية، لا سيّما أنّ أولادي سوف يضطرون إلى ترك مدرستهم هنا".
في المقابل، يرى يمنيون آخرون أنّ المخاوف من اندلاع حرب شوارع في صنعاء مبالغ فيها. عبد الله الأنسي وهو موظف حكومي، واحد من هؤلاء. هو يستبعد ذلك قائلاً إنّ الأمر "عملية ممنهجة تهدف إلى إثارة الخوف والهلع لدى المواطنين إمّا ليغادروا منازلهم من أجل سرقتها أو لرفع أسعار المواد الغذائية إذ إنّ المواطنين سوف يتهافتون على شراء المواد الغذائية لتخزينها".
ويشير الأنسي إلى أنّ "الناس في صنعاء يعيشون حياتهم الطبيعية بعد انتهاء المواجهات بين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس الراحل علي عبد الله صالح. وكثيرون لم يتركوا منازلهم فيها، إذ يدركون أنّ العاصمة مكان آمن والناس فيها يعيشون بأمان واستقرار ولا يريدون أن تدمّرها الحرب".
إلى ذلك، يتحدّث الناشط في المجال الإغاثي في صنعاء، الدكتور مروان العبسي، عن "مخاوف حقيقية من اندلاع معارك في صنعاء بناءً على المؤشرات والأخبار التي تصلنا، لا سيّما بعد اغتيال صالح". ويقول إنّ "بعض الناس يخافون من أن يموتوا برصاص طائش أو شظايا صاروخ أخطأ هدفه. ثمّة خوف من أن نُحاصَر وسط الاشتباكات ونعجز عن الخروج ونموت جوعاً مع أطفالنا.
ونخاف من أن يمرض أطفالنا ونعجز عن الذهاب إلى المستشفى أو في حال تمكننا من ذلك لا نجد أطباء".
ويؤكد أنّ "نفاد المواد الغذائية والوقود من المخاوف التي تدفع المواطنين إلى شراء تلك المواد وتخزينها، الأمر الذي يرفع أسعارها".
ويشير العبسي إلى أنّ "كثيرين هم أهل صنعاء الذين لم يتركوها. فالسفر يحتاج إلى المال في حين أنّ الفقر منتشر، وليس أمام الأهالي إلا انتظار مصائرهم". ويحذّر من أنّ "اندلاع حرب العصابات سوف تكون مدمّرة ووقودها عدد كبير من المدنيين. كذلك فإنّ الاحتياجات الإنسانية سوف ترتفع إلى معدلات كارثية".