هكذا كانت إجابات الموظف اليمني خالد الرميحي بعد إعلان الحكومة موازنة جديدة هذا العام هي الأولى منذ بدء الحرب.
الحال ذاته بالنسبة للمواطن عبد الله القدسي من مدينة تعز جنوب غرب حيث لا يزال يحرص على قضاء معظم وقته في محله التجاري الخاص ببيع المواد الغذائية.
يقول القدسي نت إعلان موازنة العام الحالي لا يعني له شيئا وإن اليمنيين أصبحوا يتدبرون أمورهم بأنفسهم بعيداً عن الحكومة التي تعيش في أبراج منعزلة.
استجابة ضعيفة
ويستبعد خبراء اقتصاديون يمنيون أن تغطي الموازنة المعلنة احتياجات الناس، وأن نسبة الاستجابة المتوقعة لمتطلبات المواطنين ستكون ضعيفة خصوصاً في ظل عجز وصل إلى 30% إضافة إلى كون الموازنة لم تفصل في بنود النفقات التشغيلية.
وتقدر الإيرادات بالموازنة الجديدة بنحو 2.16 تريليون ريال (4.8 مليارات دولار) بينما تقدر النفقات فيها بنحو 3.1 تريليونات ريال، كما أوردت وكالة سبأ الحكومية الرسمية.
ولم تتطرق الحكومة في الإعلان إلى أية مصادر تمويلية للموازنة، واكتفت بالإشارة إلى أن الإيرادات المتأتية من صادرات النفط والغاز ستشكل 32 % من إجمالي الإيرادات العامة خلال 2019.
لكن مختصين اقتصاديين قالوا إن الانقسام الحاصل بالمصرف المركزي والازدواج المؤسساتي بالمحافظات التي تسيطر عليها الحكومة والمدن الواقعة تحت سيطرة الحوثيين وتحكم السعودية والإمارات بالموانئ والمؤسسات السيادية بالبلاد وإشرافهما عسكرياً على كل شيء قد يعطل توقعات الحكومة في جمع الإيرادات، وقد يعطل استئناف تصدير النفط والغاز مثلما حدث خلال الأعوام الماضية.
وبذلك تبقى فرصة نجاح محاولات الحكومة تشغيل الموانئ والمطارات -وتأمين عودة الشركات العالمية واستقطاب استثمارات جديدة لزيادة الإيرادات العامة ورفد الموازنة العامة للدولة- ضعيفة للغاية، وتندرج ضمن الأمنيات والخطط النظرية المنعزلة على الواقع، وفق خبراء اقتصاديين.
تحديات
ويرجع الخبراء أسباب عدم قدرة الحكومة على تفصيل النفقات بالموازنة المعلنة إلى عجزها في الواقع عن ضبط المخصصات المتعلقة بالوظائف الوهمية في القطاع المدني والعسكري، وعدم قدرتها على فرض رقابة واضحة وتحكمها إدارياً بالمصروفات والإيرادات.
وبشأن الحلول التي ستعمل الحكومة من خلالها على تغطية عجز الموازنة، قال الباحث الاقتصادي عبد الواحد العوبلي إن الحكومة في حال لجأت إلى الاستدانة لتغطية العجز فإن ذلك سيتسبب في حدوث تضخم كبير.
ويضيف أن هناك أولويات يجب على الحكومة أن تشرع في تنفيذها والعمل من خلالها على تغطية العجز بأدوات غير تضخمية، ومن بينها التوجه نحو تقليص التمثيل الدبلوماسي وعدد الوزارات والوظائف التي تسدد بالعملة الصعبة وتأخذ نصيب الأسد من إجمالي بند الرواتب والأجور في الموازنة.
ويشدد العوبلي على ضرورة أن تفرض الحكومة الشرعية رقابة صارمة وتبدأ جدياً بمكافحة الفساد وإيقاف العبث في جميع مؤسسات الدولة من خلال ضبط الإيرادات وتحصيلها إلى خزينة المركزي في عدن والتحكم بالنفقات.
ويؤكد المتحدث أنه بعد ضبط الإيرادات والنفقات ومكافحة الفساد يمكن للحكومة بكل سهولة أن تغطي العجز في الموازنة العامة أيضاً.
ويشير إلى أنه بالإمكان الاستفادة من المنح المقدمة لليمن -التي تبلغ أكثر من ملياري دولار سنوياً- مع إدارتها بشكل سليم وفقاً لأولويات محددة تلبي احتياجات الناس.
ويفاقم استيراد النفط من الخارج -وفق ما يشير الباحث اليمني -نزيف العملة الصعبة في البلاد.
كما يقول العوبلي إن أكثر مما يتم تصديره من النفط يتم تهريبه، داعيا إلى تشديد الرقابة على إيرادات الجمارك والضرائب المحلية وقطاع الاتصالات.