القائمة السوداء
بحسرة ممزوجة بالخجل يقول عماد زيد أحمد _ موظف حكومي - لم أكن أتوقع أنه سيأتي يوم ما ويصبح اسمي ضمن القائمة السوداء لدى أصحاب المحلات والمطاعم وغيرهم، وممنوع من الدين بسبب عجزي عن سداد الديوان المستحقة عليا لهم جراء توقف الراتب، وزيادة على ذلك تعرضت للضرب والإستدعاء من أقسام الشرطة وتم سجني لأكثر من شهرين.
يتوقف عماد عن الحديث لبرهة وهو يزم شفتيه تارة ويقضم أظافره تارة آخرى في مشهد يوحي بكثير من البؤس والحزن والإرتباك، ثم يتنهد ويواصل حديثه لـ "بلقيس" قائلاً: "أعاني جراء عدم قدرتي استدانة حتى قرص رغيف منذ ثلاثة أعوام، مما اضطرني للعمل محاسب فوق باص، ثم في نقل المياه، وحالياً أعمل في نقل البضائع من على القواطر للمخازن".
وفي مكاشفة بائسة مع موقع " بلقيس" ذكر محمود عبدالله أحمد - يقيم بالعاصمة صنعاء - أنه بسبب توقف الراتب فقد ثقة كل الذين كان يستدين منهم ليسددهم عند استلام الراتب، وأوقفوا التعامل معه كلياً وتحت ضغط مطالب بعضهم اضطر لبيع مقتنياته الخاصة لسدادهم.
وبوجع يضيف "انظروا رأسي وظهري هذه آثار اعتداء صاحب المنزل الذي كنت أقيم فيه لعدم قدرتي تسديد الإيجارات.
يتأوه بحرقة ثم يقول ذهبت للمشرف الأمني لمليشيا الحوثي بالحارة والدماء تنزف من رأسي طالباً منه الإنصاف فما كان منه إلا أن منحني مهلة شهر لإخلاء السكن، ولكن صاحب المنزل كرر الإعتداء قبل انتهاء الشهر وأحالنا المشرف للمحكمة وتم مصادرة الأثاث وإرغامي على توقيع صلح تنازلت فيه على الاعتداءات مقابل تنازل صاحب المنزل عن الإيجارات.
حولونا إلى لصوص
وبسخربة يقول عبدالرحمن أحمد ثابت لموقع "بلقيس"، كنا موظفي دولة الجميع يحترمنا وجاء الحوثي وحولنا إلى لصوص، حيث عجزنا عن الوفاء بحقوق الآخرين علينا.
ويضيف لا ألوم أصحاب المحلات والمطاعم والبوفيات الذين صار كثير منهم ينظر لموظف الدولة بصنعاء على أنه لص لأن رأس مالهم محدود، وإنما ألوم الحوثيين وكذلك حكومة الشرعية فهم من أوصلولنا إلى هذا الحال.
وتزداد شكوى موظفي الدولة بصنعاء من سقوطهم في دائرة الحرمان، وفي المقابل يؤكد تجار تجزئة بأنهم أفلسوا نتيجة تعاظم الديون التي منحوها موظفي الدولة وعجزوا عن سدادها.
ويذكر ياسر خالد حسان بأنه كان يملك محل تجزئة لبيع المواد الغذائية بصنعاء، وبلغت ديونه المستحقة على زبائنه من الموظفين الحكوميين ما يقارب 700 ألف ريال صارت بحكم المعدوم.
ويختلف الحال مع أمين عبدالله سعيد، وكان تاجر تجزئة ووصل به الحال إلى الإفلاس، حيث بلغت ديونه حوالي مليونين ريال، مع العلم أنه كان يأخذ بضائع من تجار الجملة آجل ولعدم تسديده لهم أوقفوا التعامل معه ليبيع المحل لشخص آخر وسداد جزء من الديون عليه، فيما ديونه على موظفي الدولة غدت بحكم المعدوم.
ويسري نفس الحال على مُلاك مطاعم وبوفيات وغيرهم لهم ديون مستحقة على موظفين حكومين بمئات الآلاف، وتعدد تعاملهم مع الأمر فمنهم من دخل في مشاكل مع المديونين ومطالبتهم عبر أقسام الشرطة والمحاكم، وآخرين علقوا على أبواب محلاتهم كشوفات بأسماء المديونيين كنوع من التشهير والبقية منهم من أخذ تعهدات خطية ومنهم أوكلوا أمرهم لله.
حلول فاشلة
وفي المقابل تعامل طرف الصراع باليمن بحذلقة، فهؤلاء الحوثيين كان من ضمن المعالجات التي طرحوها لتسليم رواتب موظفي الدولة في المناطق الخاصعة لسيطرتهم توزيع الراتب كالتالي: 35% نقدا و35 مواد غذائية و30 % ايداع بالبريد، ثم لجاؤا إلى استبدال الراتب بسلة غذائية، تلاها حل ثالث عبر ما اسمته المحظفة والريال الإلكتروني، وفشلت كل الحلول تلك.
وعلى الطرف الأخر تعهدت حكومة الشرعية لأطراف دولية على مدى ثلاث سنوات أكثر من 20 مرة بتسليم رواتب موظفي الدولة بعموم اليمن ولم تف بدواعي رفض الحوثيين توريد العوائد السيادية إلى خزينة الحكومة الشرعية.
وحسب تقديرات اقتصادية يجني الحوثيون من فوارق بيع المشتقات النفطية حوالي 35 مليار ريال شهرياٌ وما يقارب 25 مليار ريال شهرياً عوائد ضريبية وجمركية ورسوم خدمات ناهيك عن عشرات مليارات الريالات من الجبايات وفي المقابل تمتنع عن تسليم رواتب موظفي الدولة في مناطق سيطرتها والتي تتراوح ما بين 27 إلى 29 مليار ريال بالشهر.
ويبلغ اجمالي موظفي الدولة بعموم اليمن حوالي 1.250 مليون موظف إجمالي رواتبهم الشهرية حوالي 75 مليار ريال بالشهر وفق كشوفات ديسمبر 2014.