أينما ذهبت او التفتت عيناك هناك في مديرية التحيتا بمحافظة الحديدة لن تجد غير صورا للأطفال الذين أنهكهم الجوع وسوء التغذية في واحدة من أسوأ صور الحرب والمجاعة التي تعاني منها مناطق كثيرة في اليمن منذ سقوط الدولة وسيطرة مليشيا الحوثي على البلاد.
مئات الأطفال في المديرية المنسية من كل شيء باستثناء الجوع الذي يفتح فمه باتساع ليلتهم اجسامهم التي لم تذق بعد طعم الحياة، هنا يجب ان تصل المأساة الى نهايتها وتتوقف الحرب من اجل هؤلاء الأطفال فقط .
ليست تلك الصور الا جزء من مأساة عميقة مازالت تلوح ملامحها في الأفق هنا حالة تلخص مدى قبح الحرب الذي بات السكان جرائها عاجزين عن توفير الطعام والماء ويعيشون بدون كهرباء بعد توقف الخدمات الأساسية.
هنا تتوقف الكلمات وتفقد معناها وتتحول المسئولية الى لعنة تحل على رؤوس من تسببوا في تجويع اليمنيين وتركيعهم .
عشرات القرى باتت ترزح تحت خط الجوع ومؤشرات المجاعة في محافظة الحديدة التي تصنف بواحدة من أكثر محافظات اليمن فقرا وبؤسا وهنا تبرز التناقضات المخيفة والاسئلة المعلقة حول كيف يمكن لما كان يعرف بسلة اليمن الغذائية ان تتحول الى احد اكثر بؤر الجوع في البلاد.
أطفال لم يعودوا سوى اشباحا ولا يكسو عظامهم غير الجلد ينتظرون الموت ولا يملك الأهالي غير الدموع والحسرات في بلد يصنف بانه ثاني أسوأ بلد في العالم من حيث التغذية، وتحتل محافظة الحديدة المرتبة الأولى بين محافظات اليمن في معدلات سوء التغذية بين الأطفال ما دون سن الخامسة، بحسب تقارير المنظمات الدولية.
الأرقام لا تكذب فبحسب آخر مسح ميداني لمنظمة يونيسيف، يعاني 32% من أطفال المحافظة سوء تغذية، منهم 10% يعانون سوء التغذية الشديد الذي يؤدي إلى كثير من المضاعفات ومنها الوفاة.
منذ اكثر من عام والأمم المتحدة تقول إن اليمن على حافة الكارثة، وإن 21 مليونا من سكانه البالغ عددهم 26 مليونا في حاجة لمساعدات إنسانية، وأكثر من نصف السكان يعانون من سوء التغذية، لكن لا احد يلتفت الى تلك النداءات ولا يكلف نفسه حتى عناء التفكير في مدى كارثية الوضع.