صنعاء مجال مغلق ومدينة مخنوقة مكتومة الصوت، هذا لسان حال المدينة منذ الانقلاب، منذ وجدت ذاتها وشوارعها وساحتها في قبضة كاتم الصوت.
وهي المدينة التي شهدت تجارب وتحولات الحرية من الجمهورية الى الوحدة الى التشريعات التي ضمنت حق التظاهر والاعتصام وحرية التعبير.
اغلاق صنعاء بهذه القتامة هو الاغلاق الأشد منذ الزمن الجمهوري ويؤكد عودة الذهنية السياسية المغلقة في زمن الامامة التي حكمت بثلاثية السيف والسجن والسلالة.
الفضاء العام في صنعاء لم يعد متاحا.. كل يوم يمر يضيق بالتنوع، باللون الواحد والصوت الواحد لعاصمة كانت في يوم ما ملتقى للتنوع والتعدد كان أبرزها جماهيرياً ثورة الشباب وسياسياً مؤتمر الحوار.
أمهات المختطفين ونقابة الأكاديميين وناشطو التواصل الاجتماعي آخر من تبقى من الصوت المقاوم داخل المدينة، بين فترة وفترة يكسر هذا الصوت جدار الصمت فيها كما كسر الثوار جدران الكرامة.
الحراك الأكاديمي والوقفة الاحتجاجية الاخيرة لحرائر صنعاء للتضامن مع حلب وبعض احتجاجات الموظفين هنا او هناك.. شيء من الاعتبار لمدينة تم سحق اعتبارها منذ الانقلاب.
صنعاء التي كانت تتضامن مع الحرية والعدالة للقضايا العربية اصبحت مجالا لتسويق مجرمي الحرب وقاتلي الشعوب من الخميني إلى بشار الأسد.. والمدينة التي كانت تزهو بألوان العلم الثلاثة اصبحت مطلية بالأخضر تحت لافتة المقدسات التي باسمها تعرضت قداسة الانسان اليمني وهويته وحريته لأصناف الجرائم، أقساها سلب كرامة اليمني وتحويله الى تابع ذليل ورهينة في أحسن الاحوال.
المدينة التي شهدت ثورات متعددة وكانت عاصمة لدولة الوحدة وفيها تم تعميد دستور دولة الوحدة ووثيقة الحوار التي أسست لعهد من الحقوق والحريات تشهد أكثر المعتقلات المرئية والغير مرئية وتحولت الى مجال مغلق قامع للحقوق والحريات.
فهل لفظت صنعاء انفاسها ونامت ام ان للحرية فيها بقية، هذا ما سيفصح عنه المستقبل وما سيقوله التاريخ الجمهوري الحديث لهذه المدينة التي عاصرت حلم اليمنيين من ثورة 48 الى ثورة 11 فبراير.