وأكدت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، أن كثيرا من العمالة اليمنية تعمل في مهن بسيطة وبأجور متواضعة للغاية لا تكفي لتسديد رسوم تجديد الإقامة، ولذا يتم اعتبارهم ضمن المخالفين وترحيلهم.
وفي المجمل، تشير توقعات الحكومة اليمنية وخبراء الاقتصاد، إلى إمكانية وصول أعداد المرحّلين من السعودية إلى ما بين 500 و600 ألف يمني في حالة عدم استجابة السعودية لمطالب الحكومة الشرعية باستثناء اليمنيين من الإجراءات الأخيرة.
واعتبرت العمالة اليمنية في السعودية أن القرارات الأخيرة بسعودة العديد من المهن ورفع رسوم العمالة الوافدة، بمثابة استهداف مباشر لمهن اليمنيين الذين يستحوذون على نسبة كبيرة من العمل في منافذ البيع بمحال بيع السيارات وقطع غيارها والملابس والأجهزة الإلكترونية ومواد البناء والأواني المنزلية.
وشرعت الحكومة السعودية في استراتيجية وطنية لإعادة هيكلة سوق العمل، وأعلنت وزارة العمل السعودية، 29 يناير/ كانون الثاني الماضي، عن سعودة 12 نشاطاً ومهنة، سيتم قصر العمل بها على السعوديين اعتبارا من مطلع أكتوبر الأول المقبل.
وفي هذا السياق، أكد أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء طه الفسيل، لـ "العربي الجديد"، أن تقديرات أولية تشير إلى تكبد الاقتصاد اليمني خسائر تبلغ 4 مليارات دولار، فضلا عن تداعيات طويلة المدى في الجانبين الاجتماعي والأمني، على خلفية الاجراءات السعودية لطرد العمالة اليمنية تحت مسميات مختلفة.
وكانت وزارة الداخلية السعودية أعلنت، منتصف ينايرالماضي، عن ضبط أكثر من 400 ألف مخالف من العمالة الوافدة، يشكل اليمنيون أغلبيتهم بنسبة 72%، حسب تقديرات غير رسمية.
وغادرت مئات الأسر اليمنية أراضي المملكة منذ يوليو الماضي، بعد فرض الحكومة السعودية رسوما إضافية على العمالة الوافدة، وتحتل العمالة اليمنية في السعودية، الترتيب الرابع من حيث العدد، خلف الهند ومصر وباكستان، بنحو 890 ألف عامل.
ويحذر اقتصاديون يمنيون، من تداعيات خطيرة على الاقتصاد الوطني الذي يعاني أصلا بسبب الحرب الدائرة منذ مطلع 2105 بين قوات الحكومة الشرعية المدعومة من تحالف عربي بقيادة السعودية من جهة، وجماعة الحوثيين الموالية لإيران من جهة أخرى.
وأوضح الخبير الاقتصادي اليمني، مصطفى نصر أن توطين المهن إجراء يخص السلطات السعودية ولهم مبرراتهم، لكن الأمل أن يتم استثناء للعمالة اليمنية بحكم الجوار ومشاركة المملكة في عملية عسكرية لدعم السلطة الشرعية منذ مارس/ آذار 2015.
وقال نصر: "بكل تأكيد، الإجراءات السعودية تؤثر سلبا على حياة الأسر اليمنية كون أعداد كبيرة من اليمنيين يعملون بالمملكة في مهن مختلفة، والاقتصاد اليمني الأكثر تضررا، فتحويلات العمالة تعد مصدرا اساسيا للعملة الصعبة. "
وتعتمد الكثير من الأسر اليمنية على تحويلات المغتربين بشكل رئيس، في ظل توقف مصادر الدخل وتسريح آلاف الموظفين من القطاع الخاص وتوقف رواتب موظفي الدولة منذ نحو عام وشهرين.
وبلغت التحويلات المالية إلى اليمن نحو 3.4 مليارات دولار خلال عام 2016، حسب تقرير صدر مطلع يوليو الماضي، عن صندوق الأمم المتحدة الدولي للتنمية الزراعية، وهو مبلغ ضخم بالنسبة للاقتصاد اليمني الذي يوصف بأنه ضعيف وهش. ويعاني اليمن من الانقسام بسبب الحرب المستعرة منذ نحو ثلاثة أعوام بين حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليا والمدعومة من السعودية وبين الحوثيين.
وأكد الباحث والمحلل الاقتصادي حسام السعيدي" أن الإجراءات السعودية تهدد أهم مورد لليمن في ظل الحرب وهو التحويلات المالية، مما سيترك تداعيات خطيرة على الاقتصاد.
وقال السعيدي : يمثّل المغتربون عمودا فقرياً لاقتصاد البلاد، فقد كانت التحويلات النقدية للمغتربين قبل ظهور النفط من أهم مصادر الدخل القومي. وأوضح السعيدي، أن العمالة اليمنية بالخارج ومعظمها في السعودية، تمثل المشغّل الرئيسي لعديد من القطاعات الحيوية وأهمها قطاع البناء والتشييد.
المصدر: العربي الجديد