يقف اليمنيون اليوم في مرحلة فاصلة، إما ان يعبروا باتجاه المستقبل او يظلوا عالقين في ثنايا الماضي المليء بالثقوب السوداء. وخلال مسيرة نضالات اليمنيين لم يكن الطريق معبدا، بل كان مليئا بالنتوءات التي اعاقت مشروع بناء الدولة اليمنية الحديثة.
وما إن تبدأ ملامح التغيير والانتقال إلى المستقبل في التشكل حتى تسارع القوى التقليدية لوضع المزيد من الألغام الفكرية والمعنوية في محاولة مستميتة لكبح جماح التغيير.
ستة أهداف كانت عنوانا لخلاص اليمنيين أعلنوها في ثورة السادس والعشرين من سبتمبر عام ألف وتسعمائة واثنين وستين جوهرها العدالة والمواطنة المتساوية وانهاء حكم الفرد والكهنوت.
وعلى مدار الأعوام الطويلة الماضية لم تستكن القوى التقليدية ولم تيأس من محاولة القفز من جديد الى السلطة تحت لافتات دينية حينا وخرافات في التراث أحيانا أخرى.
منذ العقد الأخير في القرن الماضي شهدت اليمن ميلاد العديد من الوثائق التي تحاول التأسيس لمفاهيم مشوهة للحكم على أسس سلالية تارة وجهوية وطائفية تارة أخرى.
كانت البداية مع ظهور وثيقة تحت لافتة علماء اليمن كان لها موقف عدائي من دستور دولة الوحدة تلتها عدة وثائق تحت لافتات قبلية وأخرى طائفية، تدعو لحصر الولاية في البطنين وتتحدث عن أكذوبة الاصطفاء، وانتهاء بوثيقة الرياض التي لم تخل من دعوات مذهبية تتعارض مع مبادئ الدولة المدنية، بالاضافة الى توقيتها السيء الذي يأتي في ذروة معركة اليمنيين لاستعادة دولتهم المخطوفة.
في ثورة فبراير الفين واحد عشر، ثار اليمنيون للمطالبة بدولة مدنية تكفل حرية الجميع، وصلوا بعدها إلى الاتفاق على مسودة للدستور في مؤتمر الحوار الوطني.. وقبل الانتهاء من وضع اللمسات الاخيرة للدستور انقض الانقلابيون على الدولة واسقطوا مؤسساتها ودستورها في الحادي والعشرين من سبتمبر الفين واربعة عشر
نضال اليمنيين في السادس والعشرين سبتمبر والحادي عشر من فبراير لم يكن يهدف الى مثل هكذا مواثيق، بل من أجل دولة المواطنة المتساوية التي يتساوى فيها الجميع أمام القانون، بعيدا عن النعرات السلالية والطائفية والمذهبية.
في ظل خوض اليمنيين معركة استعادة دولتهم من مليشيا الحوثي والمخلوع الانقلابية، تتجه البنان باتجاه ذلك الجندي الذي يدفع روحه ثمنا لاستعادة الجمهورية وليس باتجاه غيره ممن يبحثون عن ما يسد فراغ أوقاتهم وعقولهم المتخمة.